إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) North Atlantic Treaty Organization NATO




لورد اسماي
لورد جورج روبرتسون
لورد كارينجتون
مانليو بروزيو
مانفريد فورنر
ويلي كلاس
بول هنري سباك
جوزيف لانز
خافيير سولانا
ديرك ي ستيكر
علم الحلف

الهيكل التنظيمي المدني (1951)
الهيكل التنظيمي العسكري للحلف (1951)
تنظيم قيادة الحلفاء بأوروبا 1952
السكرتارية العامة للحلف
الأقسام المعاونة للسكرتير العام
تنظيم القوة خفيفة الحركة
الهيكل التنظيمي للحلف حتى 1990
الهيكل التنظيمي للحلف حتى 1992
هيئة أركان الحلف الدولية
أقسام هيئة الأركان الدولية
اللجان الرئيسية للمجلس
الهيكل التنظيمي العسكري 1992
هيئة الأركان العسكرية للحلف 1992
تنظيم التحالف بوسط أوروبا
الهيكل التنظيمي للحلف 1998
اللجان الرئيسية للحلف 1998
هيئة الأركان الدولية 1998
هيئة الأركان العسكرية 1998
أقسام هيئة الأركان الدولية (1998)
الهيكل العسكري للناتو (1998)
الهيكل العسكري للناتو بأوروبا (1998)
الهيكل العسكري للناتو بالأطلسي (1998)
مؤسسات التعاون والاستشارة
قوات التحالف في أوروبا (2000)
قوات التحالف في الأطلسي (2000)
قيادات مناطق عمل الحلف
قيادة التحالف في أوروبا
قيادة التحالف في الأطلسي
القوات التقليدية لحلف الناتو
القوة النووية لحلف الناتو

مناطق تهديد أمن الحلف
دول الناتو أبريل 1949
دول حلف وارسو 1955
قوات التحالف وسط أوروبا
قوات التحالف جنوب أوروبا
قوات التحالف شمال غرب أوروبا
قوات التحالف في الأطلسي



القسم الثالث

المبحث الثاني

الهيكل التنظيمي، والمهام التفصيلية للحلف

    تتكون منظمة حلف الناتو، من تجمع متعدد الأجهزة: السياسية، والعسكرية، والإدارية، والتنفيذية. تتمركز قيادة الحلف في بروكسل، بينما تنتشر مؤسساته المختلفة، وقواعده العسكرية، لتغطى كل أوروبا الغربية، وغيرها من المناطق. يعتبر الحلف كياناً مستقلاً، يتضمن العديد من اللجان، لذلك فإن هيكله التنظيمي كبير الحجم، كما أن له مهام محددة، لكل جهاز أو لجنة أو مؤسسة، ولديه مجموعة من الخطط المسبقة الإعداد، الجاهزة للتنفيذ، طبقاً لتصور أجهزته ولجانه، لكل الاحتمالات، التي تستوجب تدخله، لتنفيذ مهامه، وتحقيق الغرض من وجوده.

    يعتمد بناء الحلف على هيكلين تنظيميين:

·   الهيكل التنظيمي المدني Civil Structure.

·   الهيكل التنظيمي العسكري Military Structure.

أولاً: الهيكل (البنيان) المدني للحلف[1]:

1. مجلس حلف شمال الأطلسي:  North Atlantic Council (NAC) (أُنظر شكل الهيكل التنظيمي المدني (1951))

    أعلى سلطة في الناتو، لاتخاذ القرار، إذ يحقق إمكانية التشاور والتعاون السياسي بين الحلفاء، باعتباره سلطة سياسية وعسكرية. وهو تجمع سياسي، يتكون من جميع دول الحلف. وهو المسؤول عن اتخاذ القرارات، حول كافة المسائل الأمنية، من خلال التشاور، بحيث تعبر قراراته عن رغبات واردات حكومات الدول الأعضاء فيه. حددت اختصاصاته الواسعة، في الدورة الأولى، في واشنطن (17 سبتمبر 1949) على أن يؤلف لجاناً تساعده، ويجتمع مرة كل عام (جلسة عادية)، أو بناء على طلب أحد الأعضاء (جلسة غير عادية). ويتكون المجلس من وزراء الخارجية والدفاع والمالية للدول الأعضاء.

2. لجنة نواب المجلس:

    أنشأت في الدورة الرابعة، في لندن، في 19 ديسمبر 1950. على أن يمثل فيها كل الأعضاء بالحلف، ولها نفس اختصاصات المجلس. وتكون مهامها: "وضع السياسة العامة، والخاصة للحلف، دون انتظار اجتماع المجلس". مقر اللجنة في باريس، وهي الهيئة الأساسية العاملة، والمستديمة للحلف.

        في الدورة السادسة للحلف، زيدت اختصاصاتها لتشمل:

أ. العمل على تنسيق أعمال اللجان الدائمة.

ب. تبادل الآراء في المسائل السياسية، التي تخص الدول الأعضاء.

ج. القيام بأعمال مكتب الاستعلامات والدعاية، لتعريف شعوب الدول الأعضاء بمقاصد الحلف.

3. اللجنة الاقتصادية والمالية:

    وهي غير دائمة، يمثل فيها كل الدول الأعضاء، ومهمتها التوجيه بما تراه ـ بعد الدراسة ـ في النواحي المالية، لتجنب الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، التي قد تنشأ أثناء تنفيذ برامج الدفاع، والإنتاج العسكري، وتبيان الحلول (الأساليب) المثلى لاستخدام الموارد المالية للحلف.

ثانياً: الهيكل (البنيان) العسكري للحلف  :Military Structure Nato (NMS) (أُنظر شكل الهيكل التنظيمي العسكري (1951)):

     في عام 1949 كانت الإثنتا عشرة دولة المؤسسة للناتو، تملك أقل من "20" فرقة، كما كانت القوة البشرية المدربة لاحتياطياتهم، غير مكتملة التسليح، لذلك فهي عديمة قليلة الفاعلية. ففي غرب أوروبا كان المتيسر من طائرات القتال أقل من "100" طائرة، العديد منها ذات طرازات قديمة من الحرب العالمية الثانية. كان الجزء الأكبر، للقوات البرية والجوية متمركزاً في ألمانيا الغربية، ليس بهدف الدفاع ضد أي اعتداء، ولكن من أجل احتلالها (على ضوء ما انتهت إليه الحرب العالمية الثانية)، وللقيام بمهام الأمن الداخلي لحفظ النظام والأمن بالمنطقة، ولم تكن الإمكانيات البحرية الغربية بأفضل من ذلك هي الأخرى. كان من الواضح أن العالم الغربي، لم يكن يمتلك القدرات التي تمكنه من تشكيل مقاومة حقيقية في مواجهة أي عدوان.

    للتغلب على مشكلة ضعف القدرات العسكرية لدول الحلف، بدء في بناء الهيكل العسكري، مع بداية إنشاء الحلف، فقبل يومين من توقيع معاهدة حلف شمال الأطلسي " في 4 أبريل 1949 " بدأت مجموعة عمل في صياغة المقترحات والتوصيات لإنشاء الأجهزة اللازمة التي قد يحتاجها الحلف، حتى يمكنه القيام بمهامه بنجاح، وقد وافق وزراء الخارجية على تقرير هذه المجموعة في اجتماعهم، باعتبارهم أعضاء في مجلس الحلف North Atlantic Council "N.A.C " في دورة انعقاده الأولى في " 17 سبتمبر 1949" .

1. الهيئات العسكرية للحلف:

    تكون الهيكل العسكري للحلف من خمس هيئات عسكرية:

أ. اللجنة العسكرية:

تتكون من رؤساء أركان حرب الدول الأعضاء، واختصاصاتها توجيه السياسة العسكرية للحلف.

ب. اللجنة الدائمة:

    وهي هيئة متفرعة من اللجنة العسكرية، وتتكون من ممثلين عسكريين للدول الكبرى بالحلف، وهي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا. وهي لجنة مستديمة، مقرها واشنطن. مهمتها النظر في تطبيق السياسة العسكرية التي تقرها اللجنة العسكرية، كما تقدم التوصيات إلى لجان التنظيم الإقليمية.

ج. القيادة العليا للقوات المتحالفة في أوروبا:

    أنشأت في 20 ديسمبر 1950. وهي المسؤولة عن إدارة أعمال القتال، بالقوات الموضوعة تحت قيادتها، للدفاع عن الدول الأوروبية الأعضاء، ضد أي غزو.

د. لجنة كندا والولايات المتحدة الأمريكية:

    مكونة من مندوب عسكري، من كل من كندا، والولايات المتحدة الأمريكية.

هـ. لجنة الإنتاج العسكري:

    وهي لجنة غير دائمة، ويمثل فيها كل الدول الأعضاء. مسؤولة عن إنتاج الأسلحة والمعدات والذخائر والأدوات اللازمة لتنمية برامج التسليح والدفاع التي تقررها اللجان المختلفة. أهم مهام هذه اللجنة توحيد الأسلحة والمعدات التي تستخدمها القوات المسلحة للدول الأعضاء. غير محدد مقر دائم لاجتماعات اللجنة، وإنما هناك مكتب دائم لسكرتير اللجنة، في لندن.

2. تسليح القوات التابعة للحلف:

        جاء في الفقرة الثالثة من ميثاق الحلف، بأنه "لتحقيق أهداف المعاهدة، يتفق الطرفان، على العمل (فرادى أو جماعة) بكل وسيلة ممكنة للاستعداد، والتعاون المشترك، للمحافظة على طاقة كل منهم، وطاقتهم مشتركين، لمقاومة أي هجوم مسلح". وعلى ذلك، فإن التسلح، في حلف الأطلسي، ذو اتجاهين:

أ. الاستعداد العسكري الوطني، لكل دولة على حدة، لدعم قواتها العسكرية، برياً وبحرياً وجوياً. واتخاذ كافة التدابير التي تحقق لها مقاومة الغزو من تخطيط، وتجهيز هندسي للمواقع، وغيرها من الإجراءات اللازمة.

ب. الاستعداد العسكري، بالاشتراك مع الدول الأخرى، من خلال خطط مشتركة للعمليات، وتوحيد النظم المعمول بها داخل القوات المسلحة، وتنسيقها.

        في 6 أكتوبر 1949، وافق الكونجرس الأمريكي، على قانون العون على الدفاع المتبادل، وخصص 1000 مليون دولار، منها 100 مليون دولار عند توقيع الاتفاقيات الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية ويدفع الباقي بعد الموافقة على مشروعات الدفاع عن منطقة شمال الأطلسي، والذي عهد إلى اللجنة العسكرية أمر إعداده[2].

3. الاتفاقات الثنائية:

        نظم هذه الاتفاقات، العلاقات العسكرية بالحلف، بين الأعضاء من جانب، والولايات المتحدة من جانب آخر، على أساس:

أ. يقيد التعاون العسكري، الطرف المستفيد من أعضاء الحلف. حيث لا يحق له الحصول على مساعدة عسكرية من خارج المنطقة الجغرافية للحلف، إلا بأذن من الدولة المانحة (الولايات المتحدة الأمريكية).

ب. للولايات المتحدة الأمريكية، حق طلب مواد استراتيجية من الدول المستحقة للعون.

ج. يتمتع العسكريون والموظفون المشرفون على تنفيذ هذه الاتفاقات، بالامتيازات والحصانة الدبلوماسية، ويلحقون على السفارات والمفوضيات الأمريكية الموجودة في البلد المستفيد (عواصم الدول المتعاقدة).

د. على الدول المستفيدة، اتخاذ كافة التدابير، للمحافظة على الأسرار العسكرية، والفنية، ومكافحة التجسس.

هـ. لكل من الطرفين الحق في إلغاء الاتفاق، بشرط أن يعلن ذلك قبل الإلغاء بعام كامل.

        قد قبلت الدول الأوروبية الغربية، تلك القيود في وقتها، كما قبلت كذلك الزعامة الأمريكية للمعسكر الغربي، مقابل إعانتها فيما اعتراها من ضعف اقتصادي واجتماعي وسياسي، مقابل نمو القوى الشيوعية.

4. الصعوبات التي واجهت دول الحلف، في مجال التسلح:

كان هناك مصاعب عدة، اعترضت أعمال تسليح القوات من أهمها:

أ. الصعوبات العسكرية الناتجة عن محاولات التوحيد في التسليح لكافة القوات المسلحة لدول الحلف.

ب. صعوبات فنية نتيجة محاولة ربط مختلف الهيئات العسكرية والسياسية لكثرتها، وتعددها.

ج. صعوبات مالية واقتصادية، نتيجة قصور الإمكانات الأوروبية، رغماً عن المساعدات الأمريكية لدول أوروبا، وهو ما ألقى بعبء التسليح وتمويله، على كاهل الولايات المتحدة الأمريكية.

د. صعوبات قيادية، إذ تصارعت الدول الأوروبية، للحصول على مناصب القيادات الرئيسية العسكرية والسياسية في الحلف. وقد حسمت الرئاسة للجان والاجتماعات، بجعلها دورية في نظام متفق عليه، وظل الصراع على القيادات العسكرية، ورئاسة الإدارات الفرعية، يسبب حساسية بين أعضاء الحلف.

هـ. اختلاف في وجهات النظر، في تسليح ألمانيا الغربية، إذ رأَى فريق ضرورة تسليحها لتقوية الحلف في مواجهة الاتحاد السوفيتي، لما يتميز به الألمان من جدية وانضباط، وفريق آخر كان يرى خطورة وجود قوات ألمانية مسلحة على الحلف نفسه. كان الفريق الأول يدعم رأيه بالقوة العددية الألمانية، والعمق الاستراتيجي الذي تضيفه للدفاع. كما أن معظم القوات الفرنسية (كدولة كبرى في الحلف) متورطة في قتال فاشل في الهند الصينية (فيتنام) وفي شمال أفريقيا (الجزائر)، كما أن تسليح ألمانيا يحافظ على توازن القوى الاقتصادية، وكان البعض من الأوروبيون المخلصون يفضلون ذلك الرأي بدلاً من الجماعة الأمريكية. على الجانب الآخر، كانت المعارضة تركز على الروح الهجومية للألمان، والتي قد تدفع المتحالفين لمبادرات هجومية، بدلاً من الدفاع، دون استعداد كاف، وأثار البعض من المعارضين احتمال انضمام الألمان للروس، بعد التسليح، وإن كانت نظرية بعيدة للغاية، وآخرين كانوا يرون عدم إثارة الاتحاد السوفيتي مبكراً، فما زالت آثار أقدام الجيوش الألمانية الغازية لم تمحىّ من طرقات الاتحاد السوفيتي، وحتى موسكو.

5. قوة الحلف العسكرية (1952):

    حدد مؤتمر "لشبونه ـLisbon" بالبرتغال (1952)، قوة الحلف المقدرة، حتى يمكنه تحقيق أهدافه، 50 فرقة، و400 طائرة في نهاية 1952، ترتفع إلى 75 فرقة، و6500 طائرة في نهاية عام 1953، تزداد إلى 100 فرقة في نهاية عام 1954. وقد أوضح المؤتمر، أن تلك القوة غير كافية للوقوف أمام 175 فرقة روسية، 20 ألف طائرة يملكها السوفيت كذلك.

    أصبحت القوات المكونة للحلف، تعتمد بالدرجة الأولى، على التقدير الدفاعي للقوات المتحالفة، والذي بنيّ على أساس وجود قوة ذرية من الأسلحة التكتيكية.

    كانت القوة الأمريكية الموجودة في غرب أوروبا هي الجيش السابع الأمريكي (4 فرق مشاة، فرقة مدرعة، 3 آلاي فرسان مدرعة، لواء مدفعية مضادة للطائرات، مدفعية معاونة للقوات). وكان الجيش السابع الأمريكي، مسلح بأسلحة ذرية تكتيكية، وبعض الأسلحة الأحدث في العالم (1952):

أ. قنابل ذرية تكتيكية، تلقى بواسطة طائرات من نوع Thaner Strick - F 84  "150" طائرة في بريطانيا، وأكثر من ذلك في فرنسا، وكانت الولايات المتحدة تسلح أربع دول أخرى بتلك الطائرات).

ب. خمس كتائب (30 مدفع) مسلحة بالمدافع الذرية عيار 280 مم، والكتائب كلها في ألمانيا الغربية.

ج. عدة وحدات (بطاريات) صواريخ أرض/أرض من نوع " أونست جون ـOnest Jon"، قصيرة المدى، ذات رأس ذرية، بكل وحدة ست قواذف ذاتية الحركة.

د. كتيبة صواريخ أرض/أرض من نوع "كوربورال ـCorporal"، قصيرة المدى، ذات رأس ذرية، موجهة لاسلكياً حتى الهدف (10 قواذف ذاتية الحركة).

هـ. طائرات بدون طيار، موجهة لاسلكياً، ذات عبوة ذرية، من نوع "ب 61، ماتادور ـB61, Matador"، وهي سربين بكل 75 طائرة في غرب أوروبا.

و. مدافع مضادة للطائرات، عيار 75 مم، من نوع "سكاي سويبر ـSkysweeper"، وهو نوع جديد (في ذلك الوقت) اعتمدت عليه الولايات المتحدة للدفاع عن غرب أوروبا، لخصائصه المميزة، التي تمكنه من إسقاط أي طائرة، مهما كانت سرعتها، ودائرة مداه المؤثر.

6. الانتقادات التي وجهت إلى حلف شمال الأطلسي بعد إنشاؤه:

    هوجم الحلف عقب إنشاؤه من ثلاث طوائف، كان لكل منها وجهة نظره الخاصة، وكان أولها وأهمها، انتقادات الاتحاد السوفيتي، الخصم الموجه إليه ذلك الكيان الجديد:

أ. انتقادات الاتحاد السوفيتي:

    قدم السفير السوفيتي، لدى النرويج، مذكرة احتجاج، في 30 يناير 1949، يؤكد فيها أن الحلف، ليس غرضه دعم السلام الدولي، كما أعلن، بل العكس من ذلك، فهو يجمع بين عدة دول، ذات نيات استعمارية. كذلك فهو لا علاقة له (أي الحلف)، بالأمم المتحدة، بل يتخطاها. من جانب آخر، أصدرت وزارة الخارجية السوفيتية بلاغاً رسمياً، انتقدت فيه السياسة الأمريكية والبريطانية الخارجية، فلا يوجد أي خطر على تلك البلاد المتحالفة، بينما الحلف خطر على غيره من البلاد، لمناقضته مبادئ الأمم المتحدة وميثاقها، وتناقضه مع معاهدتي يالتا وبوتسدام، المبرمتين مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وقد صرح وزير خارجية بلغاريا، في خطاب له "نحن نعتبر حلف الأطلسي أداة اعتداء على الاتحاد السوفيتي، والديموقراطيات الشرقية، نحن ضد ميثاق الأطلسي الشمالي".

ب. انتقادات خبراء القانون الدولي:

(1) سمحت المادة 52، من ميثاق الأمم المتحدة، بقيام تنظيمات إقليمية. إذ جاء بها "ليس في هذا الميثاق ما يحول دون قيام تنظيمات أو تكتلات إقليمية، كما نصت أيضاً على الاستكثار من الحل السلمي للمنازعات، عن طريق التنظيمات الإقليمية. ولا يعتبر حلف الأطلسي تنظيم إقليمي، لأنه يضم دولاً لا يربطها إقليم جغرافي واحد، وكان رد الحلف على ذلك، بأنه بمقتضى معاهدة الحلف، قد أصبح الأطلسي إقليماً، بمثابة بحيرة، تربط أعضاء أسرة واحدة. وتبعاً لذلك، ذكر الزعماء السياسيون، والمتحدثون عن الحلف، في تصريحاتهم العديد من المرات عبارة "إقليم شمال المحيط الأطلسي".

(2) لم يشر الحلف في ميثاقه صراحة أو ضمناً إلى المواد الرقم 52، 53، 54 من ميثاق الأمم المتحدة الخاصة بالتنظيمات الإقليمية.

(3) لم ينص في ميثاق الحلف نفسه، على أنه يعتبر منظمة إقليمية، حسب نظام الأمم المتحدة.

(4) تنص المادة 53 من ميثاق الأمم المتحدة، على أنه، "ليس للمنظمة الإقليمية أن تقمع أي عدوان مسلح إلا بعد أذن من مجلس الأمن. ولما كان الاتحاد السوفيتي يتمتع بحق المعارضة (Veto)، فإنه يمكنه منع صدور الأذن، مما يشل من فاعلية حلف الأطلسي (إذا أعتبر منظمة إقليمية) وتبطل الحكمة من إنشاؤه.

(5) تنص المادة 54 من ميثاق الأمم المتحدة، على وجوب إعلام مجلس الأمن، بما يجري من أحداث، لحفظ السلام والأمن الدوليين بواسطة المنظمات الإقليمية، وعلى ذلك يجب أن تعرض عليه، جميع الخطط والقرارات السياسية والعسكرية للحلف، وكذلك التدابير الاقتصادية والمالية، خاصة التسليح، والأهم القرارات السرية التي تصدرها لجان الحلف المختلفة، ولما كان الاتحاد السوفيتي عضواً دائماً بالمجلس، فسيكون على علم بكل ما يتخذ من قرارات وإجراءات في الحلف، وهو ما يطيح بمبدأي المبادرة والمباغتة، ويكون لدى الاتحاد السوفيتي الفرصة للمبادرة بإجراءات مضادة وقائية مسبقاً، ويبطل ذلك الغرض من قيام الحلف.

ج. انتقادات عامة:

(1) يكرس قيام الحلف، انقسام العالم إلى كتلتين متضادتين، وهو ما يزيد من التوتر في العلاقات الدولية، التي تزيد من الخطر على السلام والأمن العالميين.

(2) ستؤدي مصاريف وتكاليف إنشاء الحلف، وما يتبعها من تنظيمات ووحدات عسكرية وتسليح، إلى خفض مستوى المعيشة، وعدم الاهتمام بالإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، وهي الوسيلة الوحيدة لدعم السلام.

(3) لا تستطيع الدول الشيوعية الانضمام إلى الحلف، وهو ما يضر بقضية السلام، حيث يتطلب الأمر أن تبقى المعاهدات الجماعية مفتوحة، لأي دولة.

(4) يضعف الحلف من الأمم المتحدة، وقد يؤدي إلى فشلها هي الأخرى، كما فشلت عصبة الأمم من قبل، وهو ما يعني قيام حرب عالمية جديدة.

   كان بعض من وصفوا بالمتفائلين، يرون أن دول الكتلتين، سيغلب عليهم ـ عاجلاً أم آجلاً ـ حب الشعوب للسلام، وأن كل ما يزيد من فرقة الدول وتقسيمها إلى معسكرات متضادة، يضر قضية السلام.

ثالثاً: ما تحقق، من أهداف الحلف، خلال السنوات الخمس الأولى 1949 ـ 1954:

    نشر السكرتير العام لمنظمة حلف الأطلسي، تقريراً عن مدى نجاح الحلف في تحقيق الأهداف التي قام من أجلها، خلال السنوات الخمس الماضية (الأولى من عمر الحلف) تضمنت:

1. التسليح:

    مازالت القيادة العليا للحلفاء، في مجلس الحلف، تناقش موضوعات التسليح، وسيصدر المجلس توصياته وقراراته بذلك. وقد استخدمت الأسلحة الذرية الحديثة، في عدة تجارب.

2. القوة العسكرية للحلف:

    وصلت قوات الحلف العاملة والاحتياطية، عام 1954، إلى 100 فرقة مستكملة المرتبات من الأفراد والأسلحة والمعدات. وهم الحجم المحدد في مؤتمر لشبونة عام 1952. بنسبة نجاح 100 %.

3. الإنتاج العسكري للحلف:

    زيدت الاعتمادات المالية للإنتاج العسكري، والتي قررها الأعضاء، من ألف مليون دولار عام 1949، إلى 8300 مليون دولار عام 1953، متضاعفة ثماني مرات.

4. قوة الخصم:

    تصل قوة الاتحاد السوفيتي، وألمانيا الشرقية[3]، والدول الأوروبية التي تخضع للنفوذ السوفيتي أكثر من 6 مليون جندي عامل عام 1954، ويمكن تعبئة 400 فرقة كاملة خلال 30 يوم. إلا أن القائد العام لقوات التحالف، "الفيلد مارشال، لورد، برنارد مونتجمري ـ Bernard Montgomery" (أحيل إلى التقاعد في نهاية عام 1953) كان يرى أن قوات الحلف (100 فرقة) بما تتميز به من تسليح متقدم، وجنود رفيعي المستوى، قادر، بقيادته الموحدة الكفء، على تحقيق المهام المكلفين بها ضد القوات السوفيتية بنجاح.

    رغم ذلك، فإن الخبراء أوضحوا أن قوة الحلف، بوضعها في ذلك الوقت (1954)، كانت تعتمد على خطوط إمداد طويلة للغاية، معرضة للهجوم الذري، كما أن القوات نفسها قديمة وبالية تسليحاً وتنظيماً وتدريباً. ونصحوا بضرورة الاعتماد على الانتشار والاكتفاء الذاتي، في منطقة واسعة، ثم التجمع بسرعة للتمسك بالمناطق الحصينة الهامة، أو شن الهجمات المضادة. وأنه يجب الاعتماد على خطوط إمداد برية، بدلاً من الخطوط الجوية، وهو ما يعني ضرورة تكديس احتياجات إدارية ذات حجم هائل في أوروبا.

    أما بالنسبة للتسليح، فإن أسلحة الحرب العالمية الثانية، لم تعد تصلح، ويجب الاعتماد بصورة أكبر على القواذف الموجهة (الصواريخ الباليستية)، وقد وعدت بريطانيا بتركيز جهدها في برنامج للمقاتلات والقذائف الحديثة. يلزم كذلك نشر شبكة رادارات ونظام دفاع جوي متكامل في كل أوروبا (قدرت تكلفته بمليار و40 مليون دولار) وهو ما يحتاج إعادة تنظيم موارد الحلف والنظر إلى المشكلات الاقتصادية الداخلية للأعضاء.

5. اللجنة الثلاثية:

    كانت المسألة بالنسبة للعسكريين، والسياسيين، هي "دفاع أو لا دفاع" ولا بديل. لذلك وافق مجلس الحلف على اقتراح أمريكي ـ عقب استماعه لتقرير السكرتير العام 1954 ـ بإنشاء لجنة ثلاثية من خبراء، لوضع خطط سياسية، واقتصادية للغرب، مدتها 10 سنوات، يمكنها مواجهة السياسة الخارجية السوفيتية الجديدة (التوسعية).

    في 6 مايو 1956، أصدر مجلس الحلف، بياناً أكد فيه ضرورة انعقاده دورياً لبحث النواحي السياسية للمشاكل الاقتصادية، وتعزيز التعاون بين أعضاؤه في المجالات السياسية والاقتصادية. كما كلف المجلس الدائم ببحث مشروع وزير خارجية فرنسا "كريستيان بينو ـChristian Pino"، لإنشاء لجنة الحكماء الثلاثة، لتنفيذ ما كان قد أقترح لإنشائها من قبل.

رابعاً: حلف الناتو في عصر الحرب الباردة:

1. تطور التنظيم والمهام:

    كان النظام الدولي، الثنائي القطبية، والذي ظهر بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، سبباً في انقسام القوى، العالمية والإقليمية، إلى كتلتين. كما كان سبباً في انتشار سياسة التحالفات، فانتشرت الأحلاف الموالية للطرفين. وأدى تطور التسليح، وحجم القوى، السياسية والعسكرية، لكل كتلة، إلى تطور في الأحلاف التابعة، والمناوئة، على حد سواء، وكذلك تطور الاستراتيجية المتبعة، لكل منها.

    في البداية، كان حلف شمال الأطلسي وحده، يُجَمّعْ القوى، لمواجهة القوات الضخمة للاتحاد السوفيتي والدول الشيوعية السائرة في ركابه، وهي ذات تسليح تقليدي متفوق، كماً ونوعاً، على مثيله الغربي، لذلك كانت دول الحلف، تفكر في حرب دفاعية. وبامتلاك الولايات المتحدة للقنبلة الذرية، والتي باشرت تطويرها عقب إلقاءها، على المدينتين اليابانيتين، هيروشيما (6 أغسطس 1945) وناجازاكي (9 أغسطس 1945)، أعتنق الغرب استراتيجية سميت "بالردع الجسيم"، ووضح أن مخاطر الحرب العالمية الثالثة، التقليدية، قد ابتعدت، فلا يعقل أن يفكر الاتحاد السوفيتي بشن هجوم تقليدي، في مواجهة قوة نووية.

    فجر الاتحاد السوفيتي، قنبلته الذرية الأولى، في أغسطس 1949، ورغم أنها قنبلة تجريبية، إلا أن نجاح الاتحاد السوفيتي، في دخول المجال الذري، انعكس على العلاقات بين الكتلتين، وكان من الضروري، أن يغير حلف الناتو من استراتيجياته، وتنظيماته العسكرية كذلك.

    كان حصول الاتحاد السوفيتي على سلاح ذري، يعني ابتعاد شبح الحرب التقليدية العالمية تماماً، وظهور شبح أكبر منه، وأكثر رهبة، وهو شبح الحرب النووية العالمية.

    ضمت الولايات المتحدة، بعد ضغط على حلفاؤها في الحلف، ألمانيا الغربية، إلى عضوية الحلف في 5 مايو 1955، وهو ما أعتبره الاتحاد السوفيتي عملاً عدائياً له، وسارع إلى إنشاء حلف مضاد، من دول أوروبا الشرقية، التابعة له في 14 مايو 1955[4]. وقد وضح من الوهلة الأولى تفوق حلف وارسو، على حلف شمال الأطلسي كمياً، في الأسلحة التقليدية، وهو ما رفع حدة التوتر الأوروبي مرة أخرى، ويسعى حلف الأطلسي، إلى إتباع إستراتيجية تعتمد على القوى النووية، للولايات المتحدة أساساً، بالإضافة إلى كل من بريطانيا وفرنسا، واللتان كانتا قد انضمتا للنادي الذري[5]. (أُنظر خريطة دول حلف وارسو 1955)

    تصاعد السباق بين القطبين، لإحراز تفوق ساحق، في مجال التسليح المتقدم، مستخدمين قدراتهما التقنية، وهو ما أدى إلى إنهاك اقتصادياتهما، بدرجات متفاوتة، وبدا أن سبق الأسلحة النووية ليس له نهاية، خاصة بعد أن تعدى الأسلحة الباليستية، ليدخل إلى الفضاء الخارجي.

    مرّ الحلف بأربعة مراحل خلال تطوره، لمواجهة المتغيرات الدولية، وللاحتفاظ بديناميكية وفاعليته، محققاً الهدف من إنشاؤه:

أ. المرحلة الأولى (1949 ـ 1951):

    مرحلة الإنشاء عقب توقيع الاتفاقية، في أبريل عام 1949، لإقامة نظام مشترك فعال للدفاع. وقد ركز الحلفاء جهودهم في السنوات الأولى تجاه المسائل الدفاعية، ومتطلبات تمويلها. وذلك بانضمام كل من اليونان وتركيا عام 1952، ثم انضمام ألمانيا الاتحادية (الغربية) عام 1955.

ب. المرحلة الثانية:

    عقب إرساء الهيكل الرئيسي للحلف، بدأ العمل في زيادة فاعليته، فشهدت المرحلة قرارات عديدة في هذا الاتجاه، إضافة إلى أول عمليات التوسيع، في عضوية الحلف.

ج. المرحلة الثالثة:

    بدأت في عام 1956، باعتماد مجلس الحلف، "لتقرير التعاون في المجالات غير العسكرية"، والذي عرف بتقرير "اللجنة الثلاثية"[6]. إذ كان التحدي السوفيتي لأوروبا، في المرحلة السابقة، محدوداً، حيث كان مقصوراً على المجال العسكري، وهو ما تغير عام 1956، إذ ظهر أن الاتحاد السوفيتي (السابق)، كان قد بدأ مد نفوذه السياسي والأيدولوجي في أرجاء العالم، وأن هذا التحدي لم يقتصر على البعد العسكري فقط، بل اتخذ توجهات أخرى عديدة.

    بالموافقة على تقرير اللجنة الثلاثية[7]، فتح المجلس المجال للتشاور السياسي بين الدول الأعضاء، والتي أصبحت فيما بعد تشمل جميع الموضوعات. وأصبح التشاور بين الدول الأعضاء، سمة ضرورية، خاصة عند إعادة صياغة المراحل المختلفة، لسياسات الدول الأعضاء.

د. المرحلة الرابعة:

    شهدت موافقة مجلس الحلف في ديسمبر 1967 على المهام المستقبلية للحلف أو ما عرف باسم "تقرير هارملHarmel Exercise"، وبالرغم من أن دول الحلف الأعضاء أعلنت موافقتها الفردية والجماعية إلى جانب تهدئة التوتر في أوروبا طبقاً لـ "تقرير هارمل"، فإن حكومات الدول الخمس عشرة الأعضاء، قررت استمرارها في اتباع سياسة إيجابية، للبحث عن حلول واقعية، تهدف للوفاق في المستقبل، بين الشرق والغرب. لذلك كثفت دراسات إجراءات نزع التسلح، والإجراءات العملية لضبط التسلح.

    اعتباراً من عام 1969، تميزت أعمال الحلف بالإيجابية، وذلك من منظور التعاون، والتحضير للمباحثات الثنائية بين الشرق والغرب، فيما يتعلق بالإطار العام "مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا Conference on Security and Cooperation in Europe CSCE. وعلى الجانب الآخر، كان هناك اتصالات متبادلة لمباحثات أخرى، لخفض القوات Mutual and Balanced Force Reduction MBFR، كانت تجرى على التوازي، مع مباحثات الأمن والتعاون، حيث يحققا معاً، أمل أوروبا في السلام والأمن.

    ومنذ عام 1969، وفي أعقاب مبادرة الرئيس نيكسون، فقد الزم مجلس الحلف نفسه كذلك بالتحديات العاجلة الإنسانية، التي برزت، والمتعلقة بالبيئة الإنسانية.

    ومنذ نهاية الستينيات، شهد الحلف، تطورات هامة، منها التوقيع في يونيه 1974، على "إعلان أوتاوا  Ottawa Declaration" المتعلق بالعلاقات الأطلسية، والذي أعاد التأكيد على العلاقات القوية بين أمريكا الشمالية، وحلفائها الأوروبيين في المواقف الدولية والمتغيرات التي طرأت منذ توقيع معاهدة الحلف في واشنطن. كما شهد عملية التوسيع الثانية للحلف، بانضمام أسبانيا عام 1982. وهكذا استمر تطوير الحلف، ليتلاءم مع الصراع المستمر، بين الكتلتين الشرقية والغربية، وذلك من المنظورين التنظيمي والوظيفي.

2. استكمال أجهزة الحلف (1949 ـ 1951):

    أدى الحصار السوفيتي لبرلين، والذي بدأ في 24 يونيه 1948، إلى الإسراع في إنشاء الغرب لحلف شمال الأطلسي (4 أبريل 1949) أي بعد إحدى عشر شهراً من ذلك الحصار، والذي عرف "بأزمة برلين". وكان من نتائج إنشاء الحلف، ودليل على فاعليته، إنهاء الاتحاد السوفيتي للحصار في 9 مايو 1949.

    ثم كانت الأزمة الكورية عام 1950، لتتجمع دول الغرب، بزعامة الولايات المتحدة تحت مظلة الأمم المتحدة، في أول مواجهة ضد المد الشيوعي في آسيا، والذي أناب فيها الاتحاد السوفيتي، دولة شيوعية جديدة، ذات كثافة عالية، وعلى حافة منطقة الحرب الكورية، لتدخل الصين الشعبية الحرب إلى جانب كوريا الشمالية الشيوعية، ضد التحالف الدولي الغربي الذي يدافع عن نظام الحكم الديموقراطي في كوريا الجنوبية.

    وقد تسببت تلك الأحداث، في شعور دول الحلف بالقلق إزاء تنظيم الحلف وأجهزته، والتي كانت، ما زالت في طور التنظيم والنقاش، ولم يبت فيها بعد.

    رغم أن معاهدة حلف الناتو، وضعت في نطاق التنفيذ، منذ 24 أغسطس 1949، إلا أن الهيكل القيادي، الذي سيتولى تنفيذ المعاهدة، لتصبح ذات فاعلية تأخر إنشاؤه وتنظيمه حتى اجتماع مندوبو الدول الأعضاء بالحلف، في واشنطن، في 17 سبتمبر 1949، إذ انعقد مجلس الحلف وتوصل إلى وضع هيكل تنظيمي عام، يشمل الشقين المدني، والعسكري.

    نُظّمْ عمل أجهزة الحلف القائمة، كما أضيف عدة لجان وتنظيمات فرعية. ولما كان مجلس الحلف (NAC)، هو السلطة الأعلى، لذلك نظم العمل فيه ليشمل ثلاث مستويات:

أ. مستوى القمة:

    ويتكون مجلس القمة من رؤساء الدول والحكومات الأعضاء بالحلف، ويجتمع على فترات متباعدة، طبقاً للضرورة[8].

ب. المستوى الوزاري:

    وهو مستوى وزراء الخارجية والدفاع، ويتكون المجلس من ممثلين للدول الأعضاء في الحلف، وهم وزراء الشؤون الخارجية، وتبعاً لأجنده وموضوعات الاجتماع، ينضم إليهم وزراء الدفاع، وأي وزراء معنيين، خاصة المسؤولين عن الاقتصاد والمالية، كما أن بعض الدول قد يمثلها رؤساء حكوماتها. يجتمع المجلس من 2: 3 مرات في العام، خلال أبريل ونوفمبر، وعند الضرورة، وتتم هذه الاجتماعات في عاصمة أي من الدول الأعضاء لمدة يومين ـ تناقش فيهما الموضوعات السابق تحديدها.

ج. مستوى المندوبين الدائمين: (مستوى السفراء):

    تعين كل دولة مندوبا دائما لها في مركز قيادة الحلف بدولة المقر (بلجيكا) ليمثل دولته في المجلس، الذي يعقد اجتماعا أسبوعيا على الأقل، على مستوى هؤلاء المندوبين الدائمين، ويمكن دعوته للانعقاد في أي وقت خلال فترة قصيرة، ويقوم المجلس بالأعمال الدبلوماسية والروتينية للحلف في جميع الأوقات.

د. الرئاسة:

(1) على المستوى الوزاري: يتولى الرئاسة (منصب شرفي) أحد وزراء دولة عضو لفترة زمنية مدتها عام بالتناوب بين الأعضاء طبقاً للترتيب الأبجدي.

(2) على مستوى السفراء المندوبين: يتولى السكرتير العام للحلف أو نائبه الرئاسة.

هـ. مهام المجلس:

(1) الصيغة الأولية لعمل المجلس، هي الصيغة السياسية. حيث يقوم المجلس بإعطاء توجيهاته السياسية إلى السلطات العسكرية، وهو المسؤول عن توفير القوة البشرية، والمعدات، والبنية الأساسية، اللازمة لحلف، حسب ما تسمح به الاعتبارات السياسية ويتمشى مع الأوضاع الاقتصادية، للدفاع عن الحلف.

(2) المجلس مسؤول عن العديد من الموضوعات، المتعلقة بالإعداد المدني الضروري لوقت الحرب، وعلى الأخص، الحث/ التشجيع، على تنظيم الإجراءات المدنية الدفاعية، في بعض الدول الأعضاء، وتقديم الدعم لحكوماتها، كل طبقاً لمسؤولياتها من خلال، تقديم المقترحات، أو المبادرة، والتعاون، أو التشجيع.

(3) على المجلس أن يسعى للتحقيق العملي للتوازن، بين الاحتياجات العسكرية والاقتصادية، على أن يراجع ذلك سنوياً، من خلال تحديد مقدار المشاركة في برامج البنية الأساسية العامة، التي سيتم إقامتها في كل دولة من الدول الأعضاء.

(4) المجلس مسؤول بالنسبة عن تأمين الاحتياجات، من خلال الموافقة على ميزانية الحلف المدنية والعسكرية، لكل من الأجهزة المدنية وهيئات الأركان العسكرية وكذلك بالنسبة للقيادات التابعة.

و. أسلوب اتخاذ القرار:

    لا تتخذ القرارات عن طريق التصويت أو الأغلبية، بل تتخذ بناء على قاعدة الاتفاق والإجماعUnanimously، وذلك من خلال التفاهم المشترك بشأن الإجراء أو الحدث، ورغم ذلك فلكل دولة ممثلة في المجلس أو إحدى اللجان التابعة له الحق في الاحتفاظ بكامل سيادتها ومسؤوليتها عن قراراتها.

3. السكرتارية الدائمة للحلف (أُنظر ملحق شاغلوا منصب السكرتير العام لحلف شمال الأطلسي (1949 – 1999)):

    للحلف سكرتارية دائمة، يرأسها، السكرتير العام للحلف Secretary General، وهو الذي يتولى رئاسة مجلس الحلف على مستوى المندوبين الدائمين (السفراء). وله نائب، يكلفه لينوب عنه في بعض الأعمال، أو يعد التقارير للسكرتير العام.

4. اللجنة العسكرية (MC):

    أصبح للجنة العسكرية، ثلاث مستويات كذلك، الأول لرؤساء أركان حرب القوات المسلحة للدول الأعضاء، والثاني المندوبين العسكريين الدائمين، والثالث اللجنة الدائمة، بنفس تنظيمها وخصائصها السابقة.  

    عقد اجتماع لمجلس الحلف في واشنطن في 17 سبتمبر 1949، توصل خلاله إلى الآتي:

أ. تم وضع "الإطار العام المدني والعسكري للحلف".

ب. إنشاء "لجنة الدفاع" المكونة من وزراء دفاع الدول الأعضاء (المادة التاسعة من المعاهدة)، تكون مسؤولة عن صياغة وتنسيق الخطط الدفاعية، عن نطاق مسؤولية الحلف.

ج. الاتفاق على أن تكون دورة الاجتماع مرة سنوياً في الأحوال العادية، يمكن زيادتها عند الضرورة، طبقاً للمادة الرابعة والخامسة من المعاهدة.

د. الاتفاق على الموضوعات التي ما زالت تحتاج لمزيد من الدراسة والتفاصيل وهي: الإنتاج العسكري، الإمداد، الاحتياجات الاقتصادية والمالية للجهود الدفاعية، الرؤية المستقبلية لتنسيق مسائل الإنتاج والمعايرة والتطوير الفني للمعدات.

نتج عن تلك القرارات تكوين عدد من الأجهزة الدائمة، مثل:

أ. اللجنة العسكرية المكونة من رؤساء أركان الدول الأعضاء، بمهمة تقديم المشورة لمجلس الحلف في المسائل العسكرية.

ب. اللجنة الدائمة (تم حلها بعد ذلك، في عام 1966):

    تتابعت القرارات المنبثقة عن اجتماعات مجلس الحلف لاستكمال أجهزته الرئيسية، ففي 18 نوفمبر 1949 اجتمع مجلس الحلف في واشنطن، وقرر إنشاء جهازين إضافيين، للقيام بالمهام التي تأجلت دراستها في الاجتماع السابق. أتفق على إنشاء "اللجنة الاقتصادية للتمويل الدفاعي"، تتكون من وزراء المالية للدول الأعضاء، إضافة إلى المسؤولين عن الإنتاج والإمداد العسكري، وتقدم هذه اللجنة تقاريرها للجنة الدفاع.

ج. الخطة الدفاعية للحلف:

    عقدت لجنة الدفاع، بعد إنشاؤها، اجتماعها الأول في باريس، في أول ديسمبر 1949، والذي وافقت فيه على "الفكرة الاستراتيجية للدفاع المتكامل عن نطاق مسؤولية الحلف"، إضافة إلى وضع أساليب العمل وبرامج الإنتاج والإمداد للأسلحة والمعدات. وقد صدق مجلس الحلف على هذه الفكرة الاستراتيجية، والمقترحات، في اجتماعه الذي عقد بواشنطن في 16 يناير 1950. وفي الاجتماع التالي، الذي عقدته لجنة الدفاع في أول أبريل 1950، صدقت على المسودة الأولى للخطط الدفاعية متوسطة المدة لمدة " 4 " سنوات.

د. السيطرة والإشراف:

    لم تكن مسائل السيطرة والإشراف على أجهزة الحلف المدنية والعسكرية قد تم تنظيمها، لذلك قرر مجلس الحلف في اجتماعه الذي عقد بلندن في مايو1950، إنشاء هيكل (بنيان) مدني للحلف للقيام بمهمة تنسيق عمل الأجهزة المدنية والعسكرية للتحالف، وللعمل كذلك كمنتدى يمكن لأعضاء الحكومات من خلاله المناقشة والتبادل المستمر للآراء السياسية.

هـ. تعيين أول قائد عام للحلفاء في أوروبا:

    في بروكسل اتخذ المجلس عدة قرارات هامة في المجال العسكري. فقد صدق على توصيات لجنة الدفاع الخاصة بإنشاء "القوة الأوروبية المشتركة" تحت قيادة مركزية، وكذلك على الخطوات الملائمة التي يجب اتخاذها "لإعادة تنظيم الهيكل (الجناح) العسكري للحلف"، كما قرر كذلك أن يتقدم بطلب إلى الرئيس الأمريكي ترومان لتعيين الجنرال "دوايت أيزنهاورDwight D. Eisenhower" قائداً عاماً لقيادة التحالف في أوروبا (SACEUR) وقد وافق الرئيس الأمريكي، وفي 19 ديسمبر 1950 أعلن المجلس رسمياً ذلك، وأن الجنرال أيزنهاور سيقوم بإنشاء مركز قيادته في أوروبا، في مطلع العام القادم (1951).

    وفي 29 ديسمبر1950 أصدرت اللجنة الدائمة أول تكليفات لقيادة التحالف في أوروبا (SACEUR)، التي أشارت إلى أن قوات الناتو المتيسرة من الدول الأعضاء، للدفاع عن أوروبا الغربية، يجب عليها عند الطوارئ أن يتم تنظيمها وتسليحها وتدريبها، لتكون جاهزة لتنفيذ الخطط المتفق عليها.

    وتمت الموافقة على إنشاء القيادة العامة للحلفاء في أوروبا Supreme Headquarters Allied Powers Europe S.H.A.P.E في بداية عام 1951، وأن يتم دعمها "بهيئة أركان مشتركة" مكونة من الدول المشاركة بقوات في هذه القيادة. (أُنظر شكل تنظيم قيادة الحلفاء بأوروبا 1952)

    واكتسبت تلك التنظيمات وجودها الرسمي في 2 أبريل 1951. واتخذ من منطقة روكين كورت (Rocquen Court) بالقرب من باريس، مقراً لكل من قيادة الجنرال أيزنهاور، "وقيادة التحالف الأوروبي" (ACE)، والقيادة العامة لقوات الحلفاء في أوروبا (SHAPE).

خامساً: إعادة بناء هيكل جديد لحلف الناتو:

    اجتمع المندوبون الدائمون للمجلس بلندن في مايو 1951، حيث أعلنوا بعض التغييرات الهامة في هيكل الحلف. وأنشأت "لجنة الدفاع"، و"اللجنة الاقتصادية والمالية" على المستوى الوزاري منفصلتان عن مجلس الأطلسي. وشكلت الأجهزة الخاصة بذلك في باريس، التي توجد بها "منظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي" (OEEC) كذلك، والتي يمكن أن تقدم لهم يد المساعدة[9]. كما حددت مهمة هذه اللجنة، بتقديم المشورة لكل من المندوبين الدائمين للمجلس، وباقي أجهزة الناتو، في المجالات الاقتصادية والمالية المتعلقة بالبرامج الدفاعية، ويمكنها كذلك في حالات خاصة، الاتصال المباشر بالحكومات أعضاء التحالف.

    وفي 19 يونيه 1951، وقعت اتفاقية بين أعضاء الحلف تتعلق بأوضاع قواتهم، حيث حددت الصفة الرسمية للأفراد العسكريين، لكل دولة، الذين يدعون للخدمة في قيادة الناتو في دول أخرى، وفي سبتمبر من نفس العام، وقعت اتفاقية أخرى تحدد صفة الجانب المدني في المنظمة.

1. مؤتمر أوتاوا (15 ـ 20 سبتمبر 1951):

    عقد اجتماع على المستوى الوزاري لمجلس الحلف في " أوتاوا " في كندا، حضره وزراء الخارجية والدفاع والمالية، لإعادة دراسة التزامات الحلف، وما يتطلبه ذلك من أعباء مالية، تزيد عما سبق أن قدره الحلفاء. وهو ما كان يهدد فاعلية الجهود الدفاعية، نتيجة لعدة متغيرات: من ارتفاع للأسعار، والمخاطر الناتجة عن التضخم، وعدم التوازن في النفقات، والصعوبات في الحصول على المواد الخام.

    في الوقت نفسه أخطرت الدول الثلاث المحتلة لألمانيا الغربية (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا)، مجلس الحلف في " أوتاوا "، أنهم دعموا خططاً للدفاع عن المجموعة الأوروبية تشمل ألمانيا الغربية. وفي أوتاوا كذلك أوصى المجلس رسمياً، حكومات الدول الأعضاء بضرورة دعوة كل من اليونان وتركيا للانضمام للحلف، كما قرر كذلك اختبار مدى قدرة الحلف على القيام بأنشطة أخرى غير عسكرية، حيث أنشأ لجنة وزارية تتكون من مندوبين من كل من: بلجيكا، كندا، إيطاليا، هولندا، النرويج، لدراسة وسائل تدعيم الروابط بين دول الحلف من منظور المادة الثانية من المعاهدة.

    وقام المجلس كذلك بتشكيل " لجنة طوارئ " A  Temporary Council Committee TCC، لتبدأ عملها بعد مؤتمر " أوتاوا " مباشرة، وقدمت تقريرها في 18 ديسمبر 1951 معبراً، عن وجهة نظر شاملة للقدرة العسكرية للدول الأعضاء، في ظروف وقت السلم، وقد اعتبر تقريراً رائداً لوجهة النظر الدفاعية.

2. اعتناق الحلف لاستراتيجيات نووية منذ نشأته:

    تغير دور الأسلحة النووية في الفكر الاستراتيجي الأمريكي تغيراً ملحوظاً خلال نصف القرن الماضي، بعد أن خرجت الولايات المتحدة من الحرب العالمية الثانية، الدولة النووية الوحيدة في العالم. استغلت الولايات المتحدة تلك الحقيقة لتقيم مظلة لحلفائها في أوروبا الغربية، في مقابل التهديد السوفيتي المتصور للغرب آنذاك. وبدخول الاتحاد السوفيتي في أغسطس 1949، إلى العصر النووي، بنجاحه في تفجير قنبلته الذرية، ثم عمله الدؤوب للوصول إلى حالة من "التوازن النووي" مع الغرب، في القدرات النووية بشكل عام، برزت الاستراتيجية النووية الأمريكية، في إطار حلف الأطلسي، في مسرح العمليات الأوروبي، كموضوع حيوي للغاية، يؤثر على فاعلية قوى التحالف الغربي. وقد تعهدت الولايات المتحدة لحلفائها، عند بدء التحالف، بأن يعتبر الهجوم على أي دولة من حلف الأطلسي، كأنه هجوم على جميع الدول الداخلة فيه، والذي يترتب عليه قيام الدول الأعضاء لحلف الأطلسي بالرد.

    إلا أنه بوصول القدرة النووية السوفيتية إلى نقطة التوازن، بل والتفوق أحياناً، اهتزت مصداقية التعهد الأمريكي النووي، الذي كان حجر الأساس في الدفاع عن أوروبا الغربية، سنوات ما بعد الحرب. وكان لا بد أن تتطور الاستراتيجية العسكرية الأمريكية للحلف، وللولايات المتحدة، لتتواءم مع المتغيرات الجديدة، التي ظهرت في أعقاب الوصول إلى العصر النووي.

سادساً: إستراتيجية الحلف في الخمسينيات:

    تشتق استراتيجية "الرد الجسيم Massive Retaliation" من سياسة الرئيس الأمريكي "أيزنهاور"، التي أطلق عليها اسم "سياسة النظرة الدفاعية الجديدة" New Look Defense Policy، وجوهر تلك الاستراتيجية، الردع من خلال التهديد بالعقاب. وقد أقرت هذه الاستراتيجية على ضوء ما عانته الولايات المتحدة في كوريا، ويصبح الاعتماد على الأسلحة النووية متزايداً.

    وقد افترضت "سياسة النظرة الدفاعية الجديدة" عدم قدرة الدفاعات المحلية بمفردها في أي مكان على اتساع الكرة الرضية، وخاصة في المسرح الأوروبي على احتواء القوى البرية الضخمة للكتلة الشيوعية، لذا أوجب الاحتواء، والأمن الجماعي Collection Security، وبذلك هددت استراتيجية الرد الجسيم أي عدوان، بتعرض المعتدى لقوة استراتيجية ساحقة، في مكان وتوقيت من اختيار الولايات المتحدة (أو الحلف).

    وضح من تشكيل حلف الأطلسي عام 1949، أنه يعتبر الأسلحة النووية الاستراتيجية، جزءاً رئيسياً من القدرة العسكرية للحلف، وقد وافقت دول الحلف، على التحول إلى استراتيجية، تعتمد على الأسلحة النووية للدفاع عن أوروبا، كرادع لمنع أي صراع في المسرح الأوروبي، ولتعويض قصور القوات التقليدية، وتوقيع جزاء ساحق ضد الأهداف في الاتحاد السوفيتي والدول المناصرة له.

    أدى اعتناق استراتيجية الرد الجسيم إلى ظهور مبدأ "الاستخدام الأول/ الضربة الأولىFirst Use" للأسلحة النووية، خاصة مع عدم تملك السوفيت، في المراحل الأولى، لأية أسلحة نووية قادرة على مواجهة التهديد النووي الأمريكي. فإذا فشل الردع، فستستخدم القدرات النووية مباشرة وبأقصى طاقتها للدفاع عن الحلف.

    فقدت استراتيجية "الرد الجسيم" لحلف الأطلسي، المعتمدة على المظلة الأمريكية النووية، مصداقيتها اعتباراً من عام 1952، مع ظهور وتطور القدرات النووية السوفيتية، وفي بداية الستينيات ظهرت الشكوك حول فاعلية استراتيجية الرد الجسيم كعنصر للردع لأي هجوم، سواء كان نووياً أو تقليدياً.

سابعاً: المتغيرات الدولية الرئيسية خلال هذه المرحلة وانعكاساتها على الحلف:

الحرب الكورية وانعكاساتها على حلف الناتو:

    لم يدم الأمر طويلاً، فبعد دورة انعقاد مجلس الحلف في يونيه 1950، وقع حدث كانت له آثار بعيدة، انعكست على تقديرات الحلف وقراراته، ففي 25 يونيه 1950 هاجمت قوات كوريا الشمالية الشيوعية، مدعومة من حكومة الصين الشعبية، جمهورية كوريا الجنوبية. وقد أدان مجلس الأمن العدوان الكوري الشمالي، وقرر عقوبات اقتصادية وعسكرية على الدولة المعتدية، وقد حث كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، لتقديم المساعدة لجمهورية كوريا الجنوبية.

    وفي اجتماع مجلس الحلف (15 ـ 18 سبتمبر 1950) في نيويورك، ألقت الحرب الكورية بظلالها عليه، إذ ركزت المناقشات على كيفية مواجهة الحلف لأي اعتداء مشابه لما حدث في كوريا الجنوبية. كان هناك شعور سائد على ضرورة اتخاذ استراتيجية جديدة تناسب الأوضاع الجديدة، وطرحت استراتيجية الدفاع المتقدم لتأمين أوروبا، والتي تعني أن أي اعتداء لابد من مواجهته بقدر المستطاع من البدء، ولتأكيد الدفاع عن جميع الدول الأعضاء في الحلف، وتتطلب تلك الاستراتيجية، حجماً من القوات، يزيد عن القوات المتيسرة لحلف الناتو، في ذلك الوقت. لذلك طلب مجلس الحلف من لجنة الدفاع، بعد موافقة دول الحلف على تلك الاستراتيجية المطروحة، التخطيط بصفة عاجلة لإنشاء قوة مشتركة، تحت قيادة مركزية، تكون قادرة على صد العدوان. وكلفت المجموعة الدائمة، لتكون مسؤولة عن توجيه استراتيجية استخدام هذه القوة المشتركة، التي يجب أن توضع تحت رئاسة قائد عام، يعين بواسطة الناتو. وقد تم تمديد اجتماعات نيويورك، حتى يمكن لوزراء الخارجية من مشاورة حكوماتهم، وعند عودتهم للاجتماع في 26 سبتمبر 1950، توصل المجلس إلى أن إستراتيجية الدفاع المتقدم لا يمكنها أن توفر الدفاع عن أوروبا، إلا من خلال الأراضي الألمانية باعتبارها الخط الدفاعي الأول، لملاصقتها للدول الأوروبية الشيوعية، ولذلك تقرر دراسة المشاكل التي يمكن أن تثيرها المشاركة الألمانية الغربية في السياسية العسكرية للحلف. وقد ظهر أن هذه المشاركة، يكتنفها بعض المصاعب، إذ ترفضها بعض الدول الأعضاء بالحلف، خاصة فرنسا. وقد استغرق الأمر أربع سنوات، حتى أمكن التوصل إلى حل لهذه المشكلة.

    أثناء اجتماع المجلس في بروكسل في 18 ديسمبر1950، تم الاتفاق على قبول مشاركة ألمانية غربية، في إطار النظام الدفاعي العام، حيث أحس الأعضاء بأن مثل هذه المشاركة لابد أن تدعم الدفاع عن أوروبا، وأنها لا تمس بأي شكل الطبيعة الدفاعية المخططة لحلف الناتو، من هذا المنطلق دعا وزراء خارجية القوى الغربية الثلاث، المحتلة لألمانيا الغربية (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا) لدراسة إطار التعاون مع ألمانيا الغربية، لتحقيق المشاركة المقترحة.



[1] كلف مجلس الحلف، في دورته السادسة، لجنة نواب الحلف، بإعادة تنظيم هيئات الحلف العاملة، لتصبح قادرة على مباشرة أعمالها بما يمكنها من تحقيق المهام التي وجدت من أجلها، أو التي تكلف بها مستقبلاً، وتقرر في 3 مايو 1951 العمل بالتنظيم المذكور.

[2] أتمت اللجنة العسكرية الإعداد، وتمت الموافقة عليه في 27 نوفمبر 1950.

[3] لم يكن حلف وارسو قد أنشئ بعد.

[4] ضم كل من الاتحاد السوفيتي، ألبانيا، بلغاريا، تشيكوسلوفاكيا، ألمانيا الشرقية، المجر، بولندا، رومانيا. وقد انسحبت ألبانيا من الحلف في 12 سبتمبر 1968، كما لم تدخله يوغسلافيا، أو أي من الدول الشيوعية، غير الأوروبية.

[5] كان التفجير النووي الأول لبريطانيا في أكتوبر 1952، أما فرنسا فقد فجرت قنبلتها الذرية الأولى في سنة 1960، في صحراء الجزائر.

[6] عرف التقرير كذلك بتقرير"الحكماء الثلاثة".

[7] The Committee of Three : Dr. Geatano Martino (Italy), Mr. Halvard lange ( Norway), and Mr. Laster Pearson (Canada).

[8] عقد حوالي 9 مؤتمرات قمة منذ إنشاء المنظمة.

[9] كانت منظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي (OEEC) قد أنشئت في إطار مشروع مارشال.