إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



مراحل المفاوضات في شأن الجلاء عن مصر  
6 - مفاوضات سنة 1929 (محمد محمود - هندرسن) - تابع (2) مشروع المعاهدة

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 301 - 308"

(المادة السابعة)

          لم يكن بد فى محالفة من فرض حالة الحرب. ولكن هذه الحالة لم تفرض فى هذه المادة إلا محوطة بالإشارة إلى المادة الرابعة من جانب، وإلى المادة الرابعة عشرة من جانب آخر. أى أنها فرضت حربا نشبت فى حدود الالتزام الذى أخذته الدول على نفسها بنبذ الحرب كأداة للسياسة القومية. ولم يفلح فى تجنبها كل ما قامت به الدولتان من تبادل الرأى وكل ما كفله ميثاق جمعية الأمم من الوسائل الناجحة.

          لم يكن كذلك بد، مع أساس التكافؤ فى الحقوق والواجبات، من أن يبادر كل حليف بنجدة حليفه. على أن اختلاف ما بين البلدين من الوسائل والموقع دعا إلى شيء من التخصيص فى وصف تلك النجدة. فهى بالنسبة لمصر أوسع من جانب وأضيق من جانب آخر. مما يدين به الحليف عادة لحليفه. هى أوسع إذ تتعهد مصر، فى حالة ما إذا لم تكن الحرب نشبت فعلا بل كانت توشك أن تنشب فقط (حالة خطر الحرب) بأن تبذل ما فى وسعها من التسهيلات والمساعدات فى الأراضى المصرية. وهى أضيق لأن التسهيلات والمساعدات فى الأراضى المصرية هى أخص ما يطلب من مصر سواء فى حالة الحرب أو فى حالة خطر الحرب. ليست النجدة فى خارج الأراضى المصرية ممتنعة أصلا، وما كانت لتكون كذلك، مع اعتماد التكافؤ فى الحقوق والواجبات أساسا للمحالفة ولكنها لا تكون بحسب نص المادة إلا على سبيل الندرة والاستثناء. ثم إنه إذا طلبت مثل تلك النجدة من مصر. فهى لا تطلب على سبيل الأمر والتحكم كما يكون الحال بين التابع والمتبوع. وإنما تطلب من حليف حر يقيس ما يطلب منه بمعيار ملابساته الخاصة من ممكنات وضرورات. ويوقن أن ما يقدمه من نجدة سيقرب أسباب انتصار فيه الخير الكبير لنفسه ولحليفه.

          ذلك هو روح المادة والمفهوم الذى قبلت على أساسه. فليس فتح البلاد وغزوها بالذى يوجب على مصر أى التزام قانونى بحكم المعاهدة، إذ كان منافيا لميثاق نبذ الحرب، ولا قمع الفتن بالذى تحتمل معه النجدة، إذ كان لا يوصف فى العرف الدولى بأنه حرب.

          وقد رئى أن تفصل الفقرة الأخيرة من المادة الخاصة بالمدربين العسكريين لتكون مادة مستقلة لعدم اتصالها مباشرة بما سبقها. (راجع مادة 8 من المشروع ب). كما رئى تغيير التعليل الذى بني عليه التعهد فبدلا من أن يكون احتمال التعاون الفعال بين الجيشين. أصبح استحسان الوحدة فى التدريب والأساليب. وذلك لتجنب إثارة الشبهة فى نشاط الاستعدادات الحربية كما هو مفهوم صيغة هذه الفقرة. وعلى الخصوص لجعل العلة أكثر ملاءمة وتناسبا مع قدر المعلول وأصح سببية. فإن التعاون، وهو أمر تقضى به المعاهدة فى ظروف معينة، لا يصلح سببا لنتيجة مرهونة باختيار مصر كما هو الشأن فى الالتجاء إلى معلمين أجانب وإنما يصلح السبب إذا كان استحسانا واستحبابا.

<5>