إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) مقابلة صحفية بين الفريق أول أحمد إسماعيل ومحمد حسنين هيكل

         كان اقتناعهم بالنسبة لي أهم من مجرد إطاعة الأوامر، كنت أيضاً قد رأيت تجارب تثبت قدرة الإنسان المصري على الابتكار وعلى مواجهة المواقف الصعبة.

كانت هناك معالجات وابتكارات جديدة في صنع كباري العبور.

         كانت هناك معالجات وابتكارات جديدة في عملية فتح الساتر الترابي.. كنا في تجاربنا لفتح هذا الساتر الترابي على القناة قد جربنا المدافع بكل العيارات فلم تحقق ما نرجوه، وجربنا المفرقعات بكل الوسائل فلم تحقق ما نرجوه ثم جربنا اندفاع الماء بقوة فتحقق لنا ما نرجوه واستقر رأينا على الماء ولم نأت بالمعدات اللازمة لذلك - تأخذ الماء من القناة وتوجهه بقوة قذف جبارة إلى السواتر الترابية فإذا هي تنهار - إلا في آخر لحظة حتى يظل سرنا في مأمن.

         كانت هناك معالجات وابتكارات جديدة في فتح الثغرات واقتحام المواقع الحصينة.

         فوق ذلك كانت هناك ثقتي بالضباط والجندي المصري.. لم تكن ثقتي غيبية ولكنها كانت ثقة علمية.. كنت أعرف أن كليهما - الضابط والجندي - إذا كلف بمهمة اقتنع بها وإذا حمل سلاحاً وثق فيه وإذا أحس أنه جزء من جهد كبير يعرف لنفسه هدفاً - فإنه لن يتوقف قبل بلوغ هذا الهدف.

لو أنك رأيت اندفاعهم.

لو أنك رأيتهم بالأعلام في أيديهم يعبرون الجسور وسط النار.

لو أنك رأيتهم يقتحمون المواقع الحصينة بأجسادهم قبل سلاحهم.

لو أنك رأيت هذا كله لأدهشك.. أعود معك إلى يوم 5 أكتوبر.. كانت مشاعري كما قلت مزيجاً من أحاسيس كثيرة وأتذكر أن الرئيس جاءنا يومها في مركز القيادة وأتذكر أننا سويا هو وأنا وجميع القادة من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة تعاهدنا أمام الله بأن كلا منا سوف يبذل قصارى جهده.

كانت هناك عمليات تجري في ذلك اليوم ولكنها كانت تجري في صمت.

         كانت هناك دوريات تسللت في هدوء لنظرة استكشاف أخيرة على النقط الحصينة وما وراءها من خط بارليف.

<16>