إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) مقابلة صحفية بين الفريق أول أحمد إسماعيل ومحمد حسنين هيكل

         كان لابد أن نتخلص من تأثير مرض الخنادق وعقده، وركزت في تلك الفترة على مجموعة ضرورات، رأيت أننا بغيرها لن نستطيع عمل شيء، أي شيء.

         أولى هذه الضرورات: أن تقتنع القوات بأنه لا مفر من القتال ولا حل بدونه، وقمت بزيارات للقوات المسلحة في مواقعها أشرح الظروف للرجال، وأقول لهم أن الوضع الذي نحن فيه لابد من تغييره، وإذا لم نغيره نحن فإن العدو قد يفرض علينا التغيير، ومعنى ذلك أننا إذا لم نبدأ بالقتال فإن العدو سوف يبدأ هو بالقتال، لأن حالة اللاسلم واللاحرب غير قابلة للاستمرار إلى ما لا نهاية.

         وكانت الثانية من الضرورات: أن يأخذ الرجال ثقة في سلاحهم، وكنت أريد تغيير المفهوم القديم، بأن الرجل بالسلاح، والحقيقة أن السلاح بالرجل، إذا لم يكن واثقاً من نفسه فلن يحميه أي سلاح وإذا كان واثقاً، فإن كل سلاح في يده يحميه.

         ربما نستطيع أن نفهم ذلك في التطبيق العملي إذا تذكرنا أن طائرة من طراز ميج 17 تمكنت أثناء القتال من إسقاط طائرة فانتوم، وهذا ما أقصده بأن السلاح بالرجل وليس الرجل بالسلاح.

         وكانت الثالثة من الضرورات: وهي تتصل بذلك مباشرة: أن يكون التدريب تدريباً كثيفاً. إذا كنت أقول أن السلاح بالرجل، فذلك يعني أول ما يعني قدرة الرجل على استيعاب سلاحه والسيطرة الكاملة عليه.

         وكانت الرابعة بين الضرورات: أن أجعل قوات أدركت حتمية القتال، وعرفت قيمة سلاحها، وأحسنت التدريب عليه - ترى رُأى العين ما سوف تواجهه وتكسر الرهبة ما بينها وبينه. وهكذا بدأت أختار للتدريب ميادين قريبة الشبه إلى أقصى حد بظروف وطبيعة المهمة التي سوف تقوم بها القوات، وأُولاها عبور القناة.

         اخترنا مناطق للتدريب فيها مجار مائية بعمق القناة تقريباً، وعليها سواتر بارتفاع سواتر القناة، وفيها تيارات بقوة تيارات القناة.

         بل إننا في بعض المرات أجرينا تدريباتنا على القناة نفسها في منطقة كانت تمتد في فرعين أحدهما إلى ناحيتنا وكان تحت السيطرة الكاملة لقواتنا.

         في ذلك الوقت كانت الخطة العامة تتبلور لما سوف نقوم بها، تختمر "تتبلور" تظهر ملامحها شيئاً فشيئاً بالدراسة المستمرة والتطوير الدؤوب.

<11>