إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



إنجلترا تفاوض مصر
تابع (1) تقرير اللجنة الخصوصية المنتدبة لمصر (لجنة ملنر)

"وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة، ص 33 - 92"

إلغاء السيادة التركية بداعى الحرب كان يحرم مصر من كل حالة سياسية معينة ويتركها بين يدى بريطانيا العظمى كبلاد من البلدان التابعة لتركيا، وحينئذ كان يسهل على بريطانيا العظمى حل هذا الإشكال بضم مصر إلى الامبراطورية البريطانية، ولكن الحكومة البريطانية اختارت عمدا سبيلا أرق من هذا به تنال مصر الأمن ويبقى مبدأ الوحدة القومية المصرية غير ممسوس وذلك ببسط حماية بريطانيا العظمى عليها، وعليه صدر المنشور التالى فى الوقائع الرسمية فى 18 ديسمبر سنة 1914:

        "يعلن وزير الخارجية لدى جلالة ملك بريطانيا العظمى أنه بالنظر إلى حالة الحرب التى سببها عمل تركيا قد وضعتَ مصر تحت حماية جلالته وأصبحت من الآن فصاعدا من البلاد المشمولة بالحماية البريطانية.

        وبذلك زالت سيادة تركيا على مصر وستتخذ حكومة جلالته كل التدابير اللازمة للدفاع عن مصر وحماية أهلها ومصالحها".

        وفى اليوم التالى صدر منشور آخر بخلع عباس حلمى الخديوى إذ ذاك بحجة التصاقه بأعداء الملك وأن وراثة عرش مصر عرضت على سمو البرنس حسين كامل فقبلها ملقبا بسلطان مصر.

        أما المصريون الوطنيون فكانوا دائما يقولون ويؤكدون أنهم فهموا أن الحماية ستكون احتياطا حربيا، وأن الدفاع عن مصر الذى صدر الوعد به فى الفقرة الثانية من المنشور يقتصر على الدفاع فى الحرب فقط، ولكن يظهر لنا من عبارة المنشور أنه لا يفتح بابا لهذا التفسير، ولكن لا ريب فى أن المصريين أفهموا أن المساعى ستبذل بعد الحرب لتحقيق أمانيهم القومية، وأن الجهد أفرغ فى التأكيد لهم بأن حالتهم السياسية الوطنية لم تصر بعد بسط الحماية عليهم أردأ مما كانت عليه قبلها. مثال ذلك التلغراف الذى أرسله جلالة الملك إلى السلطان حسين لما جلس على عرش السلطنة فقد استعمل جلالته فيه هذه الكلمات:

        "فى اليوم الذى ترتقى فيه عظمتكم السلطانية منصبها السامى أرغب أن أقدم إلى عظمتكم السلطانية عواطف الوداد المنبعثة عن أكمل إخلاص مع تأكيدى لكم بأننى لا أنفك عن تأييدكم فى المحافظة على مصر وضمان رفاهيتها فى المستقبل وسعادتها، ولقد دعيتم عظمتكم السلطانية إلى تحمل مسئولية منصبكم السامى إبان أزمة خطيرة فى الحياة الأهلية بمصر، وإنى على يقين أنه بمعاونة وزرائكم وبحماية بريطانيا العظمى يتسنى لكم التغلب على كل المؤثرات التى يراد بها العبث باستقلال مصر وبرفاهية أهلها وسعادتهم".

        وزد على ذلك أن المصريين الوطنيين يستشهدون بشواهد عديدة صرح فيها رجال الدولة البريطانيون بإنكار كل فكرة بضم البلاد أو باحتلالها احتلالا دائما، وبتأييد القول الذى قاله السير الدن غورست وهو أن الفكرة الأساسية التى تتوخاها الحكومة البريطانية هى إعداد المصريين للحكم الذاتى ومساعدتهم فى الوقت نفسه لكى يتمتعوا باجتناء الفوائد التى تعود عليهم من وجود حكومة
<9>