إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



(تابع) خطاب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية (الشقيري) في اجتماع لجنة الممثلين الشخصيين للملوك والرؤساء العرب
"ملف وثائق فلسطين من عام 1950 إلى 1969، وزارة الارشاد القومي، ج 2، ص 1443- 1474"

معنوياته وابقائه تحت رحمة ما ينال من فتات البطاقات التى لا تليق بكرامة انسان ولا بكرامة شعب كشعبنا الذى ينتمى له مثل هذا الانسان، فشعب يعيش على العدم ويقتات الفتات والفضلات تموت كرامته وتضيع قضيته معها، والقول بأن هذه التعاسة تولد الحقد، وان الحقد والجوع والجهل هى السبيل المؤدية الى النصر، هو منطق فارغ وحجة سقيمة. الشعب الذى ينتصر هو الشعب الذى يعيش كريما فى أرضه وأرض أهله واخوانه، ينمى ملكاته، صحيحا فى جسده وذهنه وتفكيره ورزقه فبقوته فقط يقوى حقه فيكسب الجولة وينال مناه.. الذئاب الجائعة تهاجم دون وعى أو تمييز ما يواجهها، ولكنها أيضا تأكل بعضها بعضا ويمكن صدها والقضاء عليها".

          كلام مغلف فى عبارات من هنا ومن هنا.. عليه مسحة التحرير، ولكن ماذا وراء هذا الغلاف؟ ومن الذى قال فى الأمة العربية أن اللاجئين يجب أن يظلوا كل حياتهم قيد المخيمات وفى المعسكرات؟ هناك فى الأردن 800.000 لاجئ قيد المعسكرات وقيد المخيمات.. وفى هذا الوقت بالذات تقترح أمريكا تصفية وكالة الاغاثة ودفع أموالها الى الدول العربية المضيفة.. ان أمريكا على مدى ثمانى عشرة سنة تلح على الدول العربية المضيفة أن تأخذ هذه الأموال مباشرة وتوطن اللاجئين، وكان منطقها دائما كيف يجوز أن ترضوا لاخوانكم أن يظلوا قيد المعسكرات وراء الأسلاك الشائكة يصيبهم المرض والبلاء والجهل والفقر؟

          كل هذا الكلام الذى أورده الملك حسين فى خطابه هو ما كنا نسمعه على الدوام من الولايات المتحدة من ان الـ 800.000 لاجئ الموجودين فى الأردن، وغيرهم آلاف أخرى فى غير الأردن، يجب أن يوطنوا فى الأرض العربية ان التوطين يعنى أن يخرج هؤلاء من حياة المخيمات والمعسكرات ويعيشوا فى القرى على الصناعة والزراعة ويذوبوا فى التجمعات العربية فى الوطن العربى. هذا الكلام الذى جاء فى خطاب الملك حسين مع اختلاف الصيغة والألفاظ هو ما كانت تقول به الولايات المتحدة على الدوام حينما كنا نناقش قضية اللاجئين فى أن نخرجهم من الخيام الى حياة أفضل فيعتمدون على أنفسهم ويشتغلون فى الأرض وفى المشروعات الاقتصادية.

          اننا نعرف أن أمريكا أرسلت لجنة اسمها لجنة "كلاب" من قبل الأمم المتحدة حتى تبحث امكانية استيعاب اللاجئين فى الوطن العربى، وحجتهم بالطبع فى ذلك هى الاشفاق الكاذب المزيف.. بدلا من أن يقضى اللاجئون حياتهم فى الخيام يقيمون فى القرى.. وهنا تتلاقى هذه العبارات من خطاب الملك حسين مع المنطق الأمريكى والسياسة الأمريكية على تصفية قضية فلسطين.

          ومرة أخرى أقول انها خطورة كبيرة أن يصدر مثل هذا القول عن الملك حسين، ولكن لو أن مثل هذا القول قيل من ليبيا مثلا وأقول ذلك على سبيل المثال- بأن نعمل على توطين اللاجئين فى ليبيا لكان الخطر بسيطا جدا، ولكن عندما يكشف الأردن فى هذا العبارات عن سياسة خطيرة تؤدى الى توطن 800.000 فلسطينى واذابتهم فى الأردن، عندئذ تكون القضية قد دخلت فى مرحلة التصفية الفعلية.

          وأنا أقول أن هذا الكلام وخطورته تتفق أيضا مع المنطق الاسرائيلى.. فاسرائيل منذ سنة 1948 الى يومنا هذا تقول لقد انتهت قضية فلسطين، وان قضية فلسطين

<10>