إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



مؤتمر فلسطين - (تابع) خطاب سمير باشا الرفاعي (المملكة الأردنية الهاشمية)
بتاريخ 12 سبتمبر1946
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج1، ص 819 - 829"

السكان اليهود فى مركز يساعدهم على التسيطر عليهم قد أدى الى عواقب غاية فى الخطورة لليهود والعرب على السواء. وكذلك على سلامة البلاد ورخائها.

       ولكن لا سبيل الى النكران بأن الخوف من هجرة يهودية لا حد لها منتشر انتشارا عظيما بين الأهلين العرب وأنه قد سبب اضطرابات صدمت تقدم البلاد الاقتصادى صدمة عنيفة استنفدت أيضا خزينة البلاد وعرضت الحياة والممتلكات فيها للخطر وأحدثت مرارة في نفوس جميع مواطنيها. فاذا استمرت الهجرة تحت هذه الظروف الى الحد الذى تحتمله مقدرة البلاد الاقتصادية بصرف النظر عن أى اعتبار آخر فلا شك فى أن تنشب عداوة قاتلة بين الشعبين وتظل دائمة، وهناك أيضا احتمال بأن الحالة فى فلسطين تصبح مصدرا مستمرا للاحتكاك بين جميع شعوب الشرق الادنى والشرق الاوسط، فحكومة جلالة الملك لا يمكن أن تأخذ بالرأى القائل بأن التزاماتها تحت الانتداب أو ما توحى به الروية والعدالة من اعتبارات تتطلب منها أن تتجاهل هذه الظروف عندما تبدأ بصوغ لسياسة الهجرة.

       وأمام حكومة جلالة الملك طريقان: اما أن تسعى فى توسيع نطاق الوطن القومى لليهود عن طريق الهجرة غير المحدودة ضد ارادة عرب البلاد التى اعربوا عنها بشدة واما أن تسمح بتوسيع الوطن القومى عن طريق الهجرة بشرط استعداد العرب للموافقة عليه، فالطريق الأول سيؤدى الى حكم القوة. وهى سياسة تظهر لحكومة جلالة الملك أنها، علاوة على اعتبارات أخرى. تتنافى تنافيا تاما مع روح المادة الثانية والعشرين من ميثاق عصبة الأمم. وكذلك مع ما أخذته على نفسها من التعهدات للعرب المبينة فى ميثاق الانتداب على فلسطين.

       فلذلك قررت حكومة جلالته، بعد التبصر مليا فى الأمر وبعد مراعاة مدى نمو الوطن القومى لليهود نتيجة التسهيلات التى قدمتها ابان العشرين سنة الماضية بأن الوقت قد حان مبدئيا لاتباع الطريق الثانى المنوه عنه سالفا.

        فبعد مضى الخمس السنوات المزمع الاتفاق عليها لن يسمح باستمرار الهجرة الا اذا أظهر العرب استعدادا للموافقة على ذلك.

       وحكومة جلالة الملك مقتنعة بأنه لا يوجد هناك أى مسوغ لها، ولن تكون تحت أى التزام بعد مضى الخمس السنوات المرخص بالهجرة فيها، لتسهيل انشاء الوطن القومى لليهود عن طريق الهجرة ضاربة صفحا عن رغائب عرب البلاد فى هذا الصدد.

       أنا واثق بأنى لن أجد طريقة للتعبير عن وجهة النظر العربية فى موضوع الهجرة أكثر ايضاحا مما سردته الآن من صلب وثيقة رسمية تصوغ السياسة المرغوب فى اقامتها ليس من حكومة عربية ولكن من الحكومة البريطانية نفسها.

       وما سبق سرده، وبالاخص الجزء الأخير منه، قد أدلت به الحكومة البريطانية فى عام 1939 واما فيما يختص بما ينبغى اضافته اليه فى نفس الموضوع فى عام 1946 فهو ما تقوم بتزويدنا به الحوادث التى تحدت فى فلسطين الآن وهى لا تزال مستمرة بموافاتنا بهذه الأدلة. وما نوهت عنه حاليا يحوى اعترافا صريحا بأن التعهد بانشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين قد عمل به ويقرر بشكل حاسم أيضا

<7>