إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



مؤتمر فلسطين -(تابع) خطاب سمير باشا الرفاعى (المملكة الأردنية الهاشمية) بتاريخ 12 سبتمبر 1946
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 819 - 829"

      والآن، فلننظر الى قضية فلسطين من خلال عامل الاضطهاد، وسنرى كيف أنها تكاد تتفق اتفاقا غريبا مع تلك القصة المعزوة الى قراقوش. فلكى تنتقم لليهود وترضيهم وتحقق لهم العدالة من مضطهديهم ومعذبيهم، يجب على فلسطين أن تفقد عينا كما يجب على العرب الأبرياء أن يتحملوا العقاب واذا كان من الواجب على فلسطين  ارضاء للبواعث الصهيونية السياسية وحدها أن تكون مفتاحا لحل المشكلة اليهودية ليس فقط فى فلسطين وانما فى أوروبا فكيف ليجوز للمرء أن يعتقد ان منطق قراقوش فى العصور الغابرة قد زال ولم يعد قائما فى عالمنا الراهن المستند الى المبدأ الديمقراطى؟ أجل، كيف ليجوز للمرء أن يقتنع بأن وسائل قراقوش الغريبة فى الادارة وتحقيق العدالة قد زالت من الوجود، وليست موجودة فعلا يطبقها الكبار القائمون على صيانة النظريات والمبادئ الديموقراطية.

      ان فكرة الاضطهاد ليست سندا قويا لتحقيق أية محاولة ترمى الى حرمان العرب من أوطانهم التى ورثوها عن آبائهم وأجدادهم. وانى أوافق كل الموافقة على بيان لجنة التحقيق الانجليزية الامريكية وعلى ما قاله وزير المستعمرات فى خطابه بالأمس من أن العالم بأسره يتضامن فى تحمل المسئولية فيما يتعلق بضحايا الاضطهاد كما يتكافل فيما يختص بضمان استيطان واستقرار جميع أولئك الذين يدعون "بالأشخاص المبعدين". وليس الذنب ذنب العرب فيما يتعلق باليهود الذين كانوا ضحايا الاضطهاد النازى والفاشى. وليس أحد أكثرعطفا على الحالة التى وصل اليها أولئك الضحايا من العرب أنفسهم. بيد أن حل مشكلتهمٍ يجب ألا يسعى اليه فى فلسطين، وهى بلد ليست لها أية صلة بها. ويجب أن يكون أى اجراء يهدف الى حل هذه المشكلة، بعيدا عن الغصب والعدوان لأن الاضطهاد لا يمكن أن يعالج بالاضطهاد.

الهجرة:

      وفيما يتعلق بالهجرة لا تزال الحجة التى تؤيد مطالب العرب، هى الأقوى فلقد أقام اليهود فى فلسطين قبل وعد بلفور، وعاشوا فى انسجام مع العرب. ولعله مما يبعث على بعض الاهتمام فى هذا المقام أن أقتبس مرة أخرى من كلام اللورد بلفور فقد قال:

      "لست أرى سببا يبعث أولئك الذين عاشوا فى وئام ومودة ابان الحكم التركى على التعارك والتشاحن فى ظل الحكم البريطانى". والرد على هذا التساؤل لا يحتاج الى شيء من المواهب الممتازة. ذلك أن التصريح الذى ارتبط باسمه هو السبب فى ذلك. أجل ان السبب الحقيقى هو ظهور الصهيونية السياسية التى أوجدت القلق والاضطراب فى فلسطين. لقد كان اليهود عندما تجردوا من المطامع السياسية لا يجدون باعثا يدفعهم على التشاحن والتعارك. غير أنه عندما وفدت تلك الصيهونية تؤيدها دول العالم العظمى وتدعمها الأفكار المتعصبة بكامل قوتها وهى الأفكار التى تهدف الى السيطرة والى طرد شعب بأسره آخر المطاف من  وطنه، لم يعجب أحد من ان الصراع من أجل البقاء حقيق أن ينشب، كما لا يعجب أحد من انه لا يزال مستمرا.

      والملاحظ استنادا الى الاحصاءات الرسمية. أن الجالية اليهودية فى فلسطين قد تزايدت وارتفعت من زهاء 85 ألف نسمة فى الوقت الذى صدر فيه وعد بلفور،  

<5>