إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / الأوراق المالية والتجارية





السهم
الشيك
الشيك المسطر
الشيك السياحي




الفصل الثاني

المبحث الثاني

السند الإذني

      السند الإذني (أو سند لأمر)، هو صك محرر، يتضمن تعهد محرره، بدفع مبلغ معين من النقود، لإذن أو لأمر شخص آخر، يسمى المستفيد، في تاريخ معين، أو قابل للتعيين، أو بمجرد الاطلاع.

      ويتناول هذا المبحث شروط السند الإذني، وسُبُل تداوله، والوفاء بقيمته، والفرق بينه وبين الكمبيالة.

أولاً: الشروط الشكلية والموضوعية

لإنشاء السند الإذني، لا بدّ من استيفاء عدة شروط، شكلية وموضوعية.

1. الشروط الشكلية للسند الإذني

يُشترط في الورقة التجارية، أيّاً كان نوعها، أن تكون مكتوبة في مُحرر، يتضمن توقيع المحرِّر، فلا يوجد السند الإذني، قانوناً، ما لم يكن ثابت في محرر، أي صك مكتوب. ولذلك، فإنه لا يجوز إثبات وجود السند الإذني بأي وسيلة غير الكتابة؛ أيّاً كانت قوتها (كالإقرار، مثلاً).

ولا يكفي لنشأة السند الإذني نشأة "صحيحة"، ثبوته في محرر، بل يجب أن يشتمل هذا المحرر على بيانات أساسية لتكوينه. وافتقاد أي من البيانات الشكلية التالية، يترتب عليه عدم القيمة القانونية للورقة، كسند إذني (أي بطلانها، قانوناً).

أ. تاريخ التحرير

يجب أن يتضمن صك السند الإذني تاريخ إنشائه. ويفيد تحديد تاريخ الإنشاء في عدة أمور؛ إذ على أساسه، يمكن معرفة أهلية الساحب، وقت إنشاء السند الإذني. إضافة إلى ذلك، فإن تاريخ الإنشاء، قد يفيد في تحديد ميعاد الاستحقاق، في حالة تحديد هذا الأخير، بعد فترة معينة من تاريخ إنشاء السند الإذني[4].

ب. مبلغ السند الإذني

إن موضوع الحق الثابت في أي ورقة تجارية، هو مبلغ من النقود. لذلك، وجب أن يكون هذا المبلغ مبيناً بالسند الإذني، ومحددًا على وجه الدقة. واشتراط ذكر المبلغ بطريقـة واضحة، لا لبس فيها ـ يتفق مع "مبدأ الكفاية الذاتية للورقة التجاريةً"، أي كونها تكفي بذاتها بمجرد الاطلاع عليها، لتحديد أشخاصها ومضمونها، والمبلغ المعين فيها.

يجب ملاحظة ارتباط المبلغ، المدون في السند الإذني، بعبارة الالتزام "أتعهد أنا". فإذا خلا الصك من شرط الالتزام بالدفع، خرج من عداد الأوراق التجارية.

والالتزام بالدفع، يجب أن يكون قاطعًا، في معناه، أي ليس غامضاً، ولا معلقًا على شرط؛ كأن يأتي بصيغة: "أتعهد أنا أحمد بالدفع" إلي محمد مبلغًا ….... بعد استلام البضاعة منه".

ج. اسم المستفيد

المستفيد هو الشخص، الذي حُرر من أجله السند الإذني. وهو يمثل الشخص الدائن في هذا المحرر. ويجب إيضاح اسمه بكل دقة، حتى لا يقع خطأ أو لبس في تحديد شخصيته، عند الوفاء له بقيمة السند الإذني، في ميعاد الاستحقاق.

د. توقيع المحرر

المحرِّر هو منشئ السند الإذني، وهو المدين، في الالتزام؛ فهو الذي أنشأ التزاماً عليه، قِبَل المستفيد بدفع مبلغ محدد، في الميعاد المحدد.

لذا، فإن  توقيع المحرِّر، من أهم البيانات الإلزامية، التي يجب أن يحتويها السند الإذني المحرر.

وجرى العرف على أن يضع المحرِّر توقيعه، عادة، أسفل السند الإذني، وهو يُعَدّ قرينة على التزام المحرِّر بكل ما تضمنه الصك.

والتوقيع يكون كتابة، وهو الغالب. كما يجوز أن يكون بختم الساحب الخاص به أو ببصمة إصبعه.

هـ. تاريخ الاستحقاق

يُعَدّ ميعاد الاستحقاق من البيانات الأساسية، في الورقة التجارية؛ إذ يحدد على أساسه استحقاق المستفيد لحقه، في الورقة.

كما أنه ابتداء من تاريخ الاستحقاق، يبدأ سريان مواعيد الرجوع إلى موقعي السند الإذني، ورفع الدعوى في حقهم. وتتعدد سُبُل تعيين ميعاد الاستحقاق في السند الإذني، فقد يأخذ أحد الأشكال الآتية:

(1) الاستحقاق في تاريخ محدد: وهو الشكل الأكثر شيوعاً، لتحديد ميعاد الاستحقاق، مثل: "ادفعوا في يوم العاشر من صفر".

(2) الاستحقاق بعد مدة معينة من تاريخ السند الإذني: قد يستحق السند الإذني، بعد مدة معينة من تاريخ تحريره؛ كأن يذكر في الصك: "أتعهد بالدفع بعد شهر من تاريخه".

(3) الاستحقاق لدى الاطلاع : يكون السند الإذني مستحقاً لدى الاطلاع، عندما يذكر فيه: "أتعهد بالدفع لدى الاطلاع"، أو "لدى الطلب"، أو "عند التقديم"؛ ويكون، بذلك، واجب الدفع، بمجرد تقديمه، من جانب المستفيد، إلى المحرِّر.

(4) الاستحقاق بعد مدة معينة من الاطلاع :  قد يكون السند الإذني مستحق الوفاء، بعد مدة معينة من تقديمه إلى المحرِّر، من جانب المستفيد. مثال ذلك، أن يذكر في الصك: "أتعهد بالدفع بعد (3 أشهر) من الاطلاع".

(5) الاستحقاق في يوم مشهور : يجوز أن يكون السند الإذني مستحق الدفع، في يوم معروف، كيوم عيد، أو يوم سوق . مثل أن يقال: "أتعهد بالدفع في يوم عيد الأضحى"، أو "في يوم رأس السنة الهجرية"، أو "في يوم السوق أو المعرض المشهور".

      والنموذج التالي يوضح صورة السند الإذني أو السند لأمر:

المبلغ بالأرقام

500 ريال سعودي

 

جــدة في غرة ذي القعدة عام 1418هـ

في يوم الأربعاء الرابع من ذي الحجة عام 1418هـ
أتعهد أنا هشام صالح حسن (المحرر) بدفع مبلغ قدره خمسمائة ريال سعودي
لإذن أو لأمر جابر أحمد القحطاني (المستفيد)

التوقيع
هشام صالح حسن

 

2. الشروط الموضوعيــة

يُعَدّ إصدار السند الإذني تصرفاً قانونياً، من جانب واحد، يتحقق بإرادة واحدة، وهي إرادة المحرِّر، المدين في هذا الالتزام.

ولكن، لكي يكون هذا الالتزام صحيحًا، فإنه يجب استيفاء شروط موضوعية، إلى جانب الشروط الشكلية، لإبرام أي تصرف قانوني؛ وهي: الرضاء (الإرادة)، والمحل والسبب، والأهلية.

أ. الرضــاء

ويقصد بالرضاء اتجاه إرادة المحرِّر، إلى قبول التزام عليه، بتوقيع السند الإذني. ولصحة التزام المحرر، يجب أن يكون رضاؤه موجوداً، وسليماً، وخالياً من أي عيب من عيوب الإرادة، كالغلط، والإكراه، والتدليس؛ وإلاَّ كان التزامه باطلاً.

ب. المحل والسبب

محل أي عقد، هو إنشاء التزام، أو نقله، أو تعديله، أو إنهاؤه.

ومحل الالتزام، الذي يجب أن يثبت في السند الإذني، ينحصر في دفع مبلغ معين من النقود. فإذا كان محل الالتزام في الصك شيئاً آخر، غير دفع مبلغ نقدي (كتسليم عقار)، فقدَ صفته، كسند إذني، وخرج من نطاق الأوراق التجارية.

كذلك، يجب أن يكون سبب التزام المحرِّر موجودًا، ومشروعًا، ويشترط لمشروعية السبب، ألاَّ يكون مخالفًا للقواعد والآداب العامة (كأن يُحرَّر السند الإذني وفاءً لصفقة مخدرات).

ج. الأهليــة

يشترط لصحة أي تصرف قانوني، أن تتمثل في من يبرمه، الأهلية اللازمة لإبرامه.

وإنشاء السند الإذني، لا يُعَدّ عملاً تجارياً، إلاَّ إذا:

(1) كان محرِّر السند تاجراً، حتى لو كان تحريره بسبب عملية مدنية.

(2) حُرِّر لأعمال تجارية، حتى لو كان محرره غير تاجر.

وإن خلا السند الإذني من أي من هذين الشرطين، فإنه يكتسب الصفة المدنية.

وبذلك، لا يشترط فيمن يحرر سنداً إذنياً؛ أن يكون أهلاً للقيام بالأعمال التجارية، مستوفياً أحد الشرطين السابقين؛ بل يُكتفى فقط أن يكون أهلاً للقيام بالأعمال المدنية.

ثانياً: تداول السند الإذني

      بدأ في أوروبا، منذ القرن السادس عشر، استعمال التظهير، كوسيلة لنقل الحق الوارد في السند الإذني، من شخص إلى آخر. وعملية التداول هذه، تسمى بـ "حوالة الحق". وعرف التظهير، منذ ذلك الوقت، عدة مراحل من التطوير، فتعددت أنواعه، لتشمل التظهير التام (الناقل للملكية)، والتظهير التوكيلي، والتظهير التأميني.

1. التظهير التــام

التظهير التام، أو التظهير الناقل للملكية، ويُقصد به، نقل الحق، الثابت في صك السند الإذني، بالكتابة على ظهره، بما يفيد نقل ملكية ذلك الحق من المُظَهِّر إلى المُظهَّر إليه.

ويشترط لصحة التظهير التام، استيفاء شروط موضوعية، تمثل الشروط نفسها، الواجب استيفاؤها في السند الإذني، لصحة التزام المُظَهِّر، في مواجهة المُظَهَّر إليه. وهذه الشروط تمثل خلوّ إرادة المُظَهِّر من أي عيب من عيوب الإرادة، وأن يكون لهذا الالتزام محل وسبب مشروعان، كما يجب أن يكون التظهير من شخص كامل الأهلية.

وإضافة إلى الشروط الموضوعية، يجب استيفاء شروط شكلية خاصة، لازمة لصحة التظهير، فيجب أن يكون تظهير السند الإذني، كتابة، على الصك نفسه[5].

وعادة ما يؤشر بالتظهير على ظهر السند الإذني، ومن هنا جاء اسم التظهير. ولكن هذا، لا يمنع من أن يكون التظهير على وجهه.

ولاستكمال الشروط الشكلية، فإن هناك بعض البيانات الإلزامية، الواجبة الاستكمال،  لصحة عملية التظهير، أهمها:

أ. تاريخ التظهيــر

تُعَدّ كتابة تاريخ التظهير، أي تاريخ تحويل ملكية الصك إلى المظهَّر إليه، من البيانات، التي يجب أن يتضمنها السند الإذني.

وتحديد تاريخ التظهير، يفيد في أحكام الأهلية والإفلاس. فلو كان المظهِّر محجوزاً عليه، أو مفلساً، فإنه قد يلجأ إلى تقديم تاريخ التظهير، ليكون سابقاً على صدور قرار الحجز أو شهر الإفلاس، بهدف الإفلات من بطلان التصرف (التظهير).

وينتقد الفقهاء وبعض رجال القانون، نظام جنيف الموحد، المنظم لقواعد الأوراق التجارية، لعدم نصه على إلزام وضع تاريخ التظهير على السند الإذني.

ب. اسم المُظهَّر إليه

يشترط إيضاح اسم من سينتقل إليه السند الإذني بالتظهير.

وقد تتكرر عملية التظهير عدة مرَّات، وبذلك يحمل السند الإذني عدة توقيعات بالتظهير إلى الغير،  حتى تستقر في يد المظهر إليه الأخير (الحامل الأخير)، الذي يطالب المحرر (المدين) بالدفع في ميعاد الاستحقاق، المنصوص عليه في السند الإذني.

ج. توقيع المظهِّر

يشترط، كذلك، توقيع السند الإذني من قِبل المظهِّر، وإلاَّ عُدَّ التظهير باطلاً. وقد يكون التوقيع، في حالة التظهير، إمّا كتابة، وإمّا خَتْمًا، أو من طريق بصمة الإصبع.

2. التظهير التوكيلي

يقصد بالتظهير التوكيلي، ذلك التوكيل، الذي يسلم المستفيد، بمقتضاه، السند الإذني إلى شخص آخر، مع توكيله بتحصيل قيمته، بمجرد حلول ميعاد الاستحقاق، لحسابه (المُظهِّر).

وبذلك، يُعَدّ المظهر صاحب الحق في السند الإذني (المستفيد)؛ ومن ثَم، يستطيع، في حالة إفلاس الحامل (المُظهر إليه)، أن يسترد الصك، من دون أن تدخل قيمته في أصول التفليسة.

والتظهير التوكيلي، عادة ما يلجأ إليه المستفيد (أو الحامل الأخير)؛ لأنه ليس لديه الوقت الكافي لتحصيل السند الإذني. وغالبًا ما يكون المُظهر له في توكيل، مصارف أو مؤسسات مالية متخصصة، ولها فروع في دول العالم ومناطقه المختلفة.

إضافة إلى الشروط المتعلقة بالتظهير التام، السابق ذكرها، فإن المظهر، لا بدّ أن يورد على الصك عبارة واضحة، تفيد التوكيل، مثل عبارة للتوكيل، أو للتحصيل، أو "لقبض القيمة" .

ويجب ملاحظة استلام بعض المصارف سندات إذنية من عملائها، مظهرة تظهيرًا توكيلياً، بغرض تحصيلها . وعلى الرغم من عدم تحصيل قيمة الورقة، نقدًا، فإن المصرف يعمد إلى إضافة مبلغ السند الإذني على حساب العميل.

ويُفسر ذلك بأنه لدى إضافة المصرف قيمة الورقة على حساب عميله (المظهر)، فإن التظهير التوكيلي، يتحول، تلقائيًا، إلى تظهير تام.

3. التظهير التأميني

يقصد بتظهير السند الإذني تظهيرًا تأمينيًا، أن يرهنه المظهِّر لدى المظهر إليه، ضماناً لدَين المقرض (المظهر إليه)؛ فهو يرهن، بذلك، الحق الثابت له في السند الإذني، لدى المظهر إليه، ضمانًا لدَين المقرض (المظهر إليه)، في ذمة المُظهِّر.

والتظهير التأميني نادر الحدوث، في الواقع العملي؛ وذلك لأن حامل السند الإذني، في مقدوره أن يخصمه لدى المصرف، ليحصل على احتياجاته من النقود، بدلاً من رهنه.

وبالنسبة إلى صحة التظهير التأميني، فإن شروطه لا تختلف عن الشروط المتعلقة بالتظهير التام، باستثناء ورود ما يفيد أن "التظهير قيمة للرهن"، أو "للضمان" أو أي عبارة أخرى، تفيد المعنى نفسه.

ثالثاً: الوفاء بقيمة السند الإذني

      يجب على حامل السند مطالبة محرِّره بالوفاء بقيمة السند، في ميعاد استحقاقه، لا قبله، ولا بعده. ويجب أن يكون الوفاء في المكان المحدد في السند. وفي حالة عدم تضمن السند مكاناً للوفاء، وجب الوفاء في موطن محرِّر السند الإذني.

      وفي حالة عدم وفاء محرِّر السند بقيمة الصك، في ميعاد الاستحقاق المحدد، فإن على الحامل أن يبادر إلى عمل (بروتستو) عدم الدفع. وهدف تحرير (البروتستو) حفظ حق حامل الإذن في الرجوع إلى موقعي الورقة.

      وبروتستو عدم الدفع، هو ورقة من أوراق المحضرين، يثبت فيها امتناع المدين (محرر السند الإذني)، عن الوفاء بقيمة السند الإذني، في ميعاد استحقاقه.

      ويؤدي تحرير بروتستو عدم الدفع، إلى إلحاق ضرر بليغ بائتمان المسحوب عليه؛ وقد يكون توقفه عن الدفع مبرراً لشهر إفلاسه، تسديداً لالتزامه تجاه الدائنين.

      وهذا الإجراء، يعطي الحق لحامل الصك، أن يرجع إلى جميع موقعي السند الإذني (المحرر والمظهرين والضامن الاحتياطي)، على وجه التضامن، للوفاء بالتزاماتهم، المترتبة على امتناع المحرر عن الدفع.

      هذا وقد عُنيت المواد من 563 إلى 566، من قانون التجارة الموحد، لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بالسند لأمر.




[1] ولكن ذلك لا يمنع تحويلها إلى صك من طبيعة أُخري.

[2] مثال : سوف يتم السداد بعد 60 يوماً من تاريخ تحرير الكمبيالة.

[3] ويجوز أن تتم عملية تظهير الكمبيالة على ورقة ملحقة بها، بصورة لا تحمل الشك حول استقلال الورقة عن الكمبيالة.

[4] مثال : سوف يتم السداد بعد 60 يوماً من تاريخ تحرير السند الإذني.

[5] ويجوز أن تتم عملية تظهير السند الإذني على ورقة ملحقة بها، بصورة لا تحمل الشك حول استقلال الورقة عن السند الإذني.

[6] دخل المشرع الفرنسي نظام اعتماد الشيك لأول مرة عام (1941)، وذلك بإصدار قانون لذلك في( 28) فبراير، نصت المادة الأولى منه على التزام البنك المسحوب عليه باعتماد الشيك، بناء على طلب الساحب أو الحامل، إذا كان لديه مقابل الوفاء.